الْقَصَصِ) لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم والنكت ما تتضمن هذه القصة ، وقيل : سمّاها أحسن لامتداد الأوقات فيما بين مبتداها إلى منتهاها ، قال ابن عباس : كان بين رؤيا يوسف ومصير أبيه وأخوته إليه أربعون سنة ، وعليه أكثر المفسرين ، وقال الحسن البصري : كان بينهما ثمانون سنة.
وقيل : سماها (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) لحسن مجاورة يوسف إخوته ، وصبره على أذاهم ، وإغضائه عند الالتقاء بهم عن ذكر ما تعاطوه ، وكرمه في العفو عنهم وقيل : لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين والأنس والجن والأنعام والطير ، وسير الملوك والمماليك ، والتجار والعلماء والجهال ، والرجال والنساء ، وحيلهن ومكرهن ، وفيها أيضا ذكر التوحيد والعفة والسير وتعبير الرؤيا والسياسة وتدبير المعاش ، وجعلت أحسن القصص لما فيها من المعاني الجزيلة والفوائد الجليلة التي تصلح للدين والدنيا ، وقيل : لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب. وقيل : (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) هاهنا بمعنى أعجب.
(إِذْ قالَ يُوسُفُ) قراءة العامة يوسف بضم السين ، وقرأ طلحة بن مصرف بكسر السين ، واختلفوا فيه فقال أكثرهم : هو اسم عبريّ فلذلك لا يجري ، وقال بعضهم : هو اسم عربي.
سمعت أبا القاسم الحبيبي ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبا الحسن الأقطع ، وكان حكيما ، وسئل عن يوسف ، فقال : الأسف : الحزن ، والأسيف : العبد واجتمعا في يوسف فلذلك سمي يوسف.
(لِأَبِيهِ) يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام.
روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام» [١٠٧] (١).
(يا أَبَتِ) قرأ أبو جعفر وابن عامر بفتح التاء في جميع القرآن على تقدير يا أبتاه ، وقرأ الباقون بالكسر ، لأنه أصله يا أبه على هاء الوقف والجر.
(إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) نصب الكوكب على التمييز ، (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) ولم يقل : رأيتها لي ساجدة ، والهاء والميم والياء والنون من كنايات ما يعقل ؛ لأن السجود فعل ما يعقل فعبّر عنها بكنايتها كقوله (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) الآية.
روى السدّي عن عبد الرحمن بن [ساريا] ، عن جابر ، قال : سأل النبيّ صلىاللهعليهوسلم رجل من اليهود يقال له بستان ، فقال : يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف ساجدة له ما أسماؤها ، فسكت؟ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «هل أنت مؤمن إن أخبرت بأسمائها؟» قال : نعم ،
__________________
(١) سنن الترمذي : ٤ / ٣٥٦ ، ح ٥١١٩.