فقال : «حرثان (١) والطارق والذيال وذو النقاب (٢) وقابس ووثاب وعمودان والمصبح والفليق والضروح وذو الفرغ (٣) ، رآها يوسف والشمس والقمر نزلن من السماء فسجدن له» فقال اليهودي : إي والله إنها لأسماؤها [١٠٨] (٤).
قال ابن عباس : الشمس والقمر أبواه والكواكب إخوته الأحد عشر. وقال قتادة : الشمس أبوه والقمر خالته ، وذلك أن أمه راحيل كانت قد ماتت ، قال وهب : وكان يوسف رأى وهو ابن سبع سنين ، أن احدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدائرة وإذا عصا صغيرة ثبتت عليها حتى اقتلعتها وغلبتها فوصف ذلك لأبيه ، فقال له : إياك أن تذكر هذا لإخوتك ، ثم رأى وهو ابن اثني عشرة سنة أنّ أحد عشر كوكبا والشمس والقمر سجدن له فقصّها على أبيه فقال له : (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) فيبغوا لك الغوائل ويحتالوا في إهلاكك ، لأنهم يعلمون تأويلها فيحسدونك (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
واختلف النحاة في وجه دخول اللام في قوله لك ، فقال بعضهم : معناه فيكيدوك واللام صلة ، كقوله (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (٥) وقال آخرون : هو مثل قولهم : نصحتك ونصحت لك ، وشكرتك وشكرت لك ، وحمدتك وحمدت لك ، وقصدتك وقصدت لك.
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) كقوله : [يصطفيك ويختارك] ليوسف (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) تعبير الرؤيا وسمي تأويلا لأنه يؤوّل أمره إلى ما رأى في منامه (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ) بالخلة وإنجائه من النار قال عكرمة : بأن نجّاه من الذبح وفداه بذبح عظيم. وقال الباقون : بإخراج يعقوب ، والأسباط من صلبه.
(إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ولهذا قيل : العرق نزّاع والأصل لا يخطئ ، فلمّا بلغت هذه الرؤيا إخوة يوسف حسدوه ، قال ابن زيد : كانوا أنبياء ، وقالوا : ما رضي أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه ، فبغوه بالعداوة (٦).
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (٥) وَكَذَٰلِكَ
__________________
(١) في الطبري : جربان.
(٢) في تفسير الطبري : ذو الكنفين ، وفي الدرّ المنثور : الكفّتان.
(٣) في بعض المصادر : القرع.
(٤) تفسير الطبري : ١٢ / ١٩٧ ، والدرّ المنثور : ٤ / ٤.
(٥) سورة الأعراف : ١٥٤.
(٦) عن تفسير القرطبي : ٩ / ١٣٠.