الأسماء كقولك : رأيت رجلا ، فإذا وقفت قلت : رجلا ومثله قوله تعالى : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) (١) ، ونحوه الوقف عليها بالألف كقول الأعشى :
وصلّ على حين العشيّات والضحى |
|
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا (٢) |
أي أراد فاعبدن ، فلمّا وقف عليه كان الوقف بالألف.
واختار يوسف حين عاودته المرأة في المراودة وتوعّدته ، السجن على المعصية ، (قالَ رَبِ) : يا ربّ ، منادى مضاف ، (السِّجْنُ) المحبس ، قراءة العامّة بكسر السين على الاسم وقرأ يعقوب برفع السين على المصدرية يعني الحبس ، (أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) ، ثمّ علم أنّه لا يستعصم إلّا بعصمة الله فقال : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ) أمل (إِلَيْهِنَ) وأبايعهن ، فقال صبا فلان إلى كذا ، وصبا يصبو ، صبوا وصبوة ، إذا مال واشتاق إليه ، قال يزيد بن ضبّة :
إلى هند صبا قلبي |
|
وهند مثلها يصبي (٣) |
(وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لدعائه وشكايته ، (الْعَلِيمُ) بمكرهنّ.
(ثُمَّ بَدا لَهُمْ) أي العزيز وأصحابه ، في الرأي (مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) الدّالة على براءة يوسف ، وهي قدّ القميص من دبر وخمش في الوجه وتقطيع النسوة أيديهنّ (لَيَسْجُنُنَّهُ) قال الفرّاء : هذه اللام في اليمين وفي كلّ مضارع القول كقوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) (٤) (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (٥) دخلتهما (اللام وما) لأنّهما في معنى القول واليمين.
(حَتَّى حِينٍ) يعني إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم.
قال عكرمة : تسع سنين ، الكلبي : خمس سنين ، و (حتى) بمعنى (إلى) كقوله تعالى : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ، وقال السدّي : وذلك أنّ المرأة قالت لزوجها : إنّ هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس ، يعتذر إليهم ويخبرهم أنّي راودته عن نفسه ، ولست أطيق أن أعتذر بعذري ، فإمّا أن تأذن لي فأخرج فأعتذر ، وأمّا أن تحبسوه كما حبستني ، فحبسه بعد علمه ببراءته ، وذكر أنّ الله تعالى جعل ذلك الحبس تطهيرا ليوسف من همّته بالمرأة وتكفيرا لزلّته.
قال ابن عباس : عثر يوسف ثلاث عثرات : حين همّ بها فسجن ، وحين قال : (اذْكُرْنِي
__________________
(١) سورة العلق : ١٥.
(٢) جامع البيان للطبري : ١٢ / ٢٧٥ ، لسان العرب : ٢ / ٤٧٣ ، وفيه سبح بدل صل.
(٣) لسان العرب : ١٤ / ٤٥٠.
(٤) سورة البقرة : ١٠٢.
(٥) سورة فصلت : ٤٨.