عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الرؤيا لأول عابرة» (١) [١١٨].
(وَقالَ) يوسف عند ذلك ، (لِلَّذِي ظَنَ) علم ، (أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا) وهو الساقي ، هذا قول أكثر المفسّرين ، وفسّره قتادة على الظن الذي هو خلاف اليقين ، وقال : إنّما عبارة الرؤيا بالظنّ ويخلق الله ما يشاء ، والقول الأوّل أولى وأشبه بحال الأنبياء ، (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) سيّدك يعني الملك ، وقيل له : إنّ في السجن غلاما محبوسا ظلما (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) يعني أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه عزوجل حتى ابتغى الفرج من غيره واستعان بالمخلوق ، وتلك غفلة عرضت ليوسف من قبل الشيطان ، ونسي لهذا ربّه عزوجل الذي لو به استغاث لأسرع خلاصه ولكنّه [غفل] وطال من أجلها حبسه.
وقال محمد بن إسحاق : الهاء راجعة في قوله (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ) إلى الساقي فنقول : أنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف للملك وعلى هذا القول يكون معنى الآية : فأنساه الشيطان ذكره لربه كقوله : خوف (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) (٢) أي يخوّفكم بأوليائه.
(فَلَبِثَ) مكث ، (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) اختلف العلماء في معنى بضع فقال أبو عبيدة : هو ما بين الثلاثة إلى الخمسة ، ومجاهد : ما بين الثلاث إلى التسع ، الأصمعي : ما بين الثلاث إلى التسع ، وابن عباس : ما دون العشرة ، وزعم الفرّاء أنّ البضع لا يذكر إلّا مع العشرة والعشرين إلى التسعين ، وهو نيف ما بين الثلاثة إلى التسعة ، وقال : كذلك رأيت العرب تعمل ولا يقولون : بضع ومائة ولا بضع وألف ، وإذا كانت للذكران قيل : بضعة ، وأكثر المفسّرين على أنّ البضع في هذه الآية سبع سنين ، قال وهب : أصاب أيوب عليهالسلام البلاء سبع سنين ، وترك يوسف في السجن سبع سنين ، وعذّب بخت نصّر فحوّل في السباع سبع سنين.
روى يونس عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رحم الله يوسف ، لو لا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث» (٣) [١١٩] ، يعني قوله : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) قال : ثمّ بكى الحسن وقال : نحن إذا نزل بنا أمر نزعنا إلى الناس ، وقال مالك بن دينار : لما قال يوسف للساقي : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، قيل له : يا يوسف اتّخذت من دوني وكيلا لأطيلنّ حبسك ، فبكى يوسف عليهالسلام وقال : يا ربّ إنّني رابني كثرة الطوى فقلت كلمة ، فويل لإخوتي.
وحكي أنّ جبرئيل دخل على يوسف عليهماالسلام ، فلمّا رآه يوسف عرفه وقال : يا أخا
__________________
(١) النهاية في غريب الحديث : ١ / ٨١ ، وفيه عابر بدل عابرة.
(٢) جامع البيان للطبري : ١٢ / ٢٩١.
(٣) سورة آل عمران : ١٧٥.