أتى قرية كانت كثيرا طعامها |
|
كعفر التراب كل شيء يميرها (١) |
(وَنَحْفَظُ أَخانا) بنيامين (وَنَزْدادُ) على أحمالنا (كَيْلَ بَعِيرٍ) لنا من أجله (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) : لا مؤونة فيه ولا مشقّة ، وقال مجاهد : (كَيْلَ بَعِيرٍ) يعني : حمل حمار ، قال : وهي لغة يقال للحمار بعير ، (قالَ) لهم يعقوب : (لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ) تعطوني (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) يعني تحلفوا لي بحقّ محمّد خاتم النبيين وسيد المرسلين أن لا تغدروا بأخيكم (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) وإنّما دخلت فيه اللام لأنّ معنى الكلام اليمين (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) إلّا أن تهلكوا جميعا ، قاله مجاهد ، وقال قتادة : إلّا أن يغلبوا حتى لا يطيقوا ذلك.
(فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ) أعطوه عهودهم ، وقال جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس : حلفوا له بحقّ محمد صلىاللهعليهوسلم ومنزلته من ربّه (قالَ) يعقوب (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي شاهد وحافظ بالوفاء ، وقال القتيبي : كفيل ، وقال كعب : لمّا قال يعقوب : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) ، قال الله جلّ ذكره : وعزّتي لأردّن عليك كليهما بعد ما توكّلت عليّ ، وقال لهم يعقوب لما أرادوا الخروج [هذا] ، (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا) مصر (مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) وذلك أنّه خاف عليهم العين لأنّهم كانوا ذوي جمال وهيئة وصور حسان وقامات ممتدّة ، وكانوا ولد رجل واحد ، وأمرهم أن يفترقوا في دخولها ثمّ ، قال : (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) علم عليهالسلام أنّ المقدور كائن ، وأنّ الحذر لا ينفع من القدر ، (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) وإلى الله فليفوّض أمورهم المفوّضون.
(وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) وكان لمصر أربعة أبواب فدخلوها من أبوابها كلّها ، (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) صدّق الله تعالى يعقوب فيما قال (إِلَّا حاجَةً) حزازة وهمّة (فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) أشفق عليهم إشفاق الآباء على أبنائهم (وَإِنَّهُ) يعقوب (لَذُو عِلْمٍ لِما) : أي مما (عَلَّمْناهُ) يعني لتعليمنا إيّاه ، قاله قتادة ، وروى سفيان عن [ابن] أبي عروة قال : إنّه العامل بما علم ، قال سفيان : من لا يعمل لا يكون عالما ، وقيل : إنّه لذو حظّ لما علّمناه.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ما يعلم يعقوب ، أي لا يعرفون مرتبته في العلم.
(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) قالوا : هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به ، قد جئناك به فقال لهم : أحسنتم وأصبتم وستجدون ذلك عندي ، ثمّ أنزلهم فأكرم منزلهم ثمّ أضافهم وأجلس كلّ اثنين منهم على مائدة فبقى بنيامين وحيدا ، فبكى وقال لو كان أخي يوسف حيّا لأجلسني معه ، فقال لهم يوسف عليهالسلام : لقد بقي هذا أخوكم وحيدا ، فأجلسه على مائدته فجعل يؤاكله.
__________________
(١) لسان العرب : ٨ / ٤٣٠ ، وتاج العروس : ٦ / ١٢.