قال عطاء : كانوا ستة عشر ألفا ، وقال سعيد بن المسيب : حدّثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يقفوا لنا حلب شاة ، فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم ، حتى إذا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء يعني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتلقّانا رجال بيض الوجوه ، حسان الوجوه فقالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا ، فرجعنا وركبوا أكتافنا فكانوا إياها ، يعني الملائكة.
وفي الخبر أن رجلا من بني نضر يقال له شجرة قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق ، والرجال عليهم ثياب بيض ما كنا نراكم فيها [..........] (١) ، وما كان قتلنا إلا بأيديهم فأخبروا بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : تلك الملائكة.
قال الزهري : وبلغني أن شيبة بن عثمان قال : استدبرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين وأنا أريد أن أقتله بطلحة بن عثمان ، وعثمان بن طلحة ، وكانا قتلا يوم أحد ، فأطلع الله تعالى رسوله على ما في نفسي فالتفت إليّ وضرب في صدري وقال : أعيذك بالله يا شيبة ، فارتعدت فرائصي فنظرت إليه وهو أحبّ إليّ من سمعي ومن بصري فقلت : أشهد أنك رسول الله ، وأن الله أطلعك على ما في نفسي.
فلمّا هزم الله المشركين وولّوا مدبرين وانطلقوا حتى أتوا [أوطاس] وبها عيالهم وأموالهم فبعث رسول الله إلى هناك رجلا من الأشعريين يقال له : أبو عامر وأمّره على الناس ، فسار إليهم فاقتتلوا بها ، ثم إن الله تعالى هزمهم ، وثبتوا قبال المشركين وهزم أميرهم مالك بن عوف النضري ، فأتى الطائف فتحصّن بها وأخذ أهله وماله فيمن أخذ ، وقتل أمير المسلمين ابن عامر ، ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى الطائف من فوره ذلك فحاصرهم بقية ذلك الشهر ، فلمّا دخل ذو القعدة وهو شهر حرام لا يحلّ فيه القتال انصرف عنهم فأتى الجعرانة فأحرم فيه بعمرة ، فقسم بها النبي المال وغنائم حنين وأوطاس وتألّف أناسا ، كأبي سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو والأقرع بن حابس فأعطاهم فجعل يعطي الرجل منهم الخمسين والمائة من الإبل ، فقالت الأنصار : حنّ الرجل وآثر قومه يا للعجب إنّ أسيافنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا ترد عليهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في قبة من أدم فجمعهم فقال لهم : يا معشر الأنصار ما هذا الذي بلغني عنكم.
فقالوا : هو الذي بلغك ، وكانوا لا يكذبون ، فقال : ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي ، وكنتم أذلاء فأعزكم الله بي ، وكنتم وكنتم ، فقال سعيد بن عبد الله : أتأذن لي أتكلم ، فقال : تكلم.
__________________
(١) كلام غير مقروء في المخطوط.