الآخر إلّا أنّ التحسّس في الخير والتجسّس في الشرّ ، الحسن وقتادة : ذكر لنا أنّ نبي الله يعقوب لم ينزل به بلاء قط إلّا أتى حسن ظنّه بالله من ورائه ، وما ساء ظنّه بالله ساعة قط من ليل أو نهار ، الحسن عن الأحنف بن قيس عن ابن عباس بن عبد المطّلب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قال داود : (إلهي) (١) أسمع الناس يقولون إله (٢) إبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني رابعا : فقال : لست هناك ، إنّ ابراهيم لم يعدل بي شيئا قط إلّا اختارني ، وإنّ إسحاق جاد لي بنفسه ، وإنّ يعقوب في طول ما كان لم ييأس من يوسف» [١٢٤] (٣).
(قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) في الآية متروك يستدلّ بسياق الكلام عليه تقريره : فجاؤوا راجعين إلى مصر حتى وصلوا إليها فدخلوا على يوسف ، فقالوا له : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) ، يا أيّها الملك بلغة حمير ، (مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) الشدّة والجوع (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قليلة ، رديئة ناقصة ، كاسدة. لا تنفق في شيء من الطعام إلّا [يتوجبن] من البائع فيها ، وأصل الإزجاء السوق والدفع ، قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) (٤) قال النابغة الذبياني :
وهبّت الريح من تلقاء ذي أزل |
|
تزجي مع الليل من صرّادها (٥) صرما (٦) (٧) |
وقال حاتم الطائي :
ليبك على ملحان ضيف مدفّع |
|
وأرملة تزجي مع الليل أرملا (٨) |
وإنّما قيل للبضاعة : مزجاة لأنّها غير نافقة وإنّما يجوز تجويزا على دفع من أخذها.
وأمالها حمزة والكسائي وفخّمها الباقون.
واختلف المفسّرون في هذه البضاعة ما هي؟ عكرمة عن عباس : كانت دراهم رديئة زيوفا لا تنفق إلّا بوضيعه بإذن عنه ، يعني لا تنفق في الطعام ؛ لأنّه لا يؤخذ في ثمن الطعام إلّا الجيّد ، ابن أبي مليكة : حبل خلق الغرارة والحبل ورثة المتاع ، عبد الله بن الحرث : متاع الأعراب ، الصوف والسّمن ، الكلبي ومقاتل وابن حيّان : الصنوبر وحبّة خضراء ، سعيد بن جبير : دراهم [قليلة] ، ابن إسحاق : قليلة لا تبلغ ما كان يشترى به إلّا أن تتجاوز لنا فيها أحسن كانت أو أوطأ ، جويبر عن الضحّاك : النعال والأدم ، وروي عنه أنّها سويق المقل.
__________________
(١) في المصدر : يا رب.
(٢) في المصدر : رب.
(٣) الدرّ المنثور : ٥ / ٢٨١.
(٤) سورة النور : ٤٣.
(٥) الصراد جمع الصارد : وهو سحاب بارد ندي ليس فيه ماء.
(٦) صرم جمع الصرمة : القطعة من السحاب.
(٧) لسان العرب : ١١ / ١٣.
(٨) لسان العرب : ١١ / ٢٩٧.