أي أمنعها من الفساد ، ولذلك يقال : اللوم تفنيد ، قال الشاعر :
يا صاحبيّ دعا لومي وتفنيدي |
|
فليس ما فات من أمر بمردود (١) |
وقال جرير بن عطية :
يا عاذليّ دعا الملام وأقصرا |
|
طال الهوى وأطلتما التفنيدا (٢) |
وقال آخر :
أهلكتني باللوم والتفنيد (٣)
والفند : الخطأ في الكلام والرأي ويقال : أفند فلانا الدهر إذا أفسده ، ومنه قول ابن مقبل :
دع الدهر يفعل ما أراد فإنّه |
|
إذا كلّف الافناد بالناس أفندا (٤) |
(قالُوا) يعني أولاد أولاده (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ) خطأك (الْقَدِيمِ) من حبّك يوسف لا تنساه ، (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) المبشّر برسالة يوسف ، قال ابن عباس : البريد يهوذا بن يعقوب ، ابن مسعود : (جاءَ الْبَشِيرُ) من بين يدي العير قال السدّي : قال يهوذا : أنا ذهبت بالقميص ملطّخا بالدم إلى يعقوب وأخبرته أنّ يوسف أكله الذئب ، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنّه حيّ وأفرحه كما أحزنته ، قال ابن عباس : حمله يهوذا دونهم ، وخرج حاسرا حافيا وجعل يعدو حتى أتى أباه ، وكان معه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها ، وكانت المسافة ثمانين فرسخا ، وروى الضحّاك عن ابن عباس ، قال : البشير مالك بن ذعر من أهل مدين.
(أَلْقاهُ) يعني ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب ، (فَارْتَدَّ بَصِيراً) : فعاد بصيرا بعد ما كان عمي.
عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبي عبد الله السلمي : قال سمعت يحيى بن مسلم عمّن ذكره قال : كان يعقوب أكرم أهل الأرض على ملك الموت ، وإنّ ملك الموت استأذن ربّه في أن يأتي يعقوب فأذن له فجاءه فقال يعقوب : يا ملك الموت أسألك بالذي خلقك ، هل أخذت نفس يوسف فيمن قبضت من النفوس؟ قال : لا ، قال ملك الموت : يا يعقوب ألا أعلّمك دعاء؟ قال : بلى ، قال : قل : يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصيه غيرك ، قال : فدعا به يعقوب في تلك الليلة فلم يطلع الفجر حتى طرح القميص (عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) ، قال الضحّاك : رجع إليه
__________________
(١) زاد المسير : ٤ / ٢١٣.
(٢) تفسير الطبري : ١٣ / ٨١.
(٣) تفسير القرطبي : ٩ / ٢٦٠.
(٤) تفسير الطبري : ١٣ / ٧٨.