(ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) طالب يعتصم بالله ويستغفر ربه أن يعصيه ويخالفه في أمره (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) يعني الزكاة (وَيَدْرَؤُنَ) ويدفعون (بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) يقال : درأ الله عني بشرّك.
قال ابن زيد : يعني لا يكافئون الشر بالشر ولكن يدفعونه بالخير.
وقال القتيبي : معناه إذا سفه عليهم حلموا فالسفه السيئة والحلم الحسنة.
قتادة : ردوا عليهم معروفا نظيره (إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) (١).
قال الحسن : إذا حرموا أعطوا ، وإذا أخلصوا عفوا ، وإذا قطعوا وصلوا.
ابن كيسان : إذا أذنبوا أيسوا وإذا حرفوا أثابوا ليدفعوا بالتوبة عن أنفسهم فغفر الذنب.
فهذا قول ابن عباس في رواية الضحاك عنه قال : يدفعون بالصالح من العمل الشر من العمل ، ويؤيد هذا الخبر المأثور : إن معاذ بن جبل قال : يا رسول الله أوصني. قال : «إذا عملت سيئة فاعمل لجنبها حسنة تمحها ، السر بالسر والعلانية بالعلانية» [١٤٤] (٢).
قال عبد الله بن المبارك : هذه ثماني خلال مشيرة إلى ثمانية أبواب الجنة.
أبو بكر الوراق : هذه ثمانية جسور فمن أراد القربة من الله عبرها (٣).
(أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) ثم بين فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها).
قرأه العامة : بفتح الياء وضم الخاء. وقرأ ابن كثير وأبو عمر : بضم الياء وفتح الخاء.
قال عبد الله بن عمير : وإن في الجنة قصرا يقال له عدن حوله البروج والمروج (٤) فيه خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلّا نبي أو صديق أو شهيد (٥).
(وَمَنْ صَلَحَ) لهن (مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أهلهم وولدهم أيضا يدخلونها (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فيه آمنا تقديره ويقولون سلام عليكم (بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).
قال مقاتل : يدخلون في مقدار يوم وليلة من أيام الدنيا ثلاث كرات معهم الهدايا والتحف يقولون : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ).
صالح عن يزيد عن أنس بن مالك : أنّه تلا هذه الآية (جَنَّاتُ عَدْنٍ) إلى قوله : (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).
__________________
(١) سورة الفرقان : ٦٣.
(٢) مجمع الزوائد : ٤ / ٢١٨.
(٣) تفسير الثعالبي : ٣ / ٣٦٧.
(٤) في الطبري : الروح ، وفي مجمع الزوائد (٥ / ١٩٦) : الصروح.
(٥) كنز العمال ١٥ / ٨٣٤ ، وتفسير الطبري : ١٠ / ٢٣٢.