وقال أبو عبيدة : هذا ليس بمنسوب إلى أبيه إنما هو كقولك : زيد ابن الأمير ، وزيد بن عبد الله ، فعزير يكون بعده خبر.
ومن ترك التنوين قال : لأنه اسم اعجمي ويشبه اسما مصغرا.
وقال الفرّاء : لما كانت النون من عزير ساكنة [وهي نون التنوين] والباء من الابن ساكنة والتقى ساكنان حذف الأول منهما استثقالا لتحريكه ، كما قال : لتجدني بالأمير برا ، وبالقناة مدعا مكرا ، إذا غطيف السلمّي فرّا (١).
فحذف النون الساكن الذي استقبلها ، وقال الزجّاج : يجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره : عزير ابن الله معبودنا.
قال عبيدة بن عمير : إنما قال هذه المقالة رجل واحد من اليهود اسمه فنحاص بن عازورا وهو الذي قال : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ) يستقرض (٢).
عطية العوفي عن ابن عباس قال : (قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) فإنما قالوا ذلك من أجل أن عزيرا كان في أهل الكتاب ، وكانت التوراة عندهم ما شاء الله أن يعلموا ، ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق ، وكان التابوت فيهم ، فلمّا رأى الله عزوجل أنهم أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء وأذهبوا التابوت وأنساهم التوراة ونسخها من صدورهم ، فأرسل الله عزوجل عليهم مرضا فاستطالت بطونهم حتى جعل الرجل يمسّ كبده ، حتى نسوا التوراة ونسخت من صدورهم ، وفيهم عزير فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا بعد ما نسخت التوراة من صدورهم ، وكان عزير قبل من علمائهم فدعا عزير [الله] وابتهل إليه أن يرد إليه الذي نسخ من صدورهم ، فبينما هو يصلي مبتهلا إلى الله عزوجل نزل نور من السماء فدخل جوفه ، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة ، فأذّن في قومه فقال : يا قوم قد آتاني الله التوراة وردّها إليّ فعلق يعلّمهم فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا وهو يعلّمهم ، ثم إن التابوت ترك بعد ذلك ، وبعد ذهابه منهم ، فلمّا رأوا التابوت عرضوا ما كان فيه على الذي كان عزير يعلّمهم فوجدوه مثله ، فقالوا : والله ما اتي عزير هذا إلا إنّه ابن الله (٣).
وقال السدّي وابن عباس في رواية عمار بن عمار : إنما قالت اليهود (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم وأخذوا التوراة وهرب علماؤهم الذين بقوا ودفنوا كتب التوراة في الجبال وغيرها ، فلحق عزير بالجبال والوحوش ، وجعل يتعبّد في الجبال ، ولا يخالط ولا يخالط الناس ولا ينزل إلا يوم عيد ، وجعل يبكي ويقول : يا رب تركت بني إسرائيل بغير عالم
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٠ / ١٤٤ ، ولسان العرب : ٣ / ٤٣٨.
(٢) تفسير الطبري : ٤ / ٢٥٩.
(٣) بتمامه في تفسير الطبري : ١٠ / ١٤٣.