يرسلون (وَهُمْ صاغِرُونَ) أذلّاء مقهورون ، قال ابن عباس يتلتلون بها تلتلة وقال عكرمة : معنى الصغار هو أن تأخذها وأنت جالس وهو قائم. قال الكلبي : إنه إذا [جاء يعطي] صفع في قفاه ، وقيل : إعطاؤه إياها هو الصغار ، وقيل : إنّه لا يقبل فيها رسالة ولا وكالة ، وقيل : إنه يجري عليهم أحكام الإسلام وهو الصغار.
أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا محمد بن جعفر ، حدّثنا علي بن حرب ، حدّثنا السباط ، حدّثنا عبد العزيز بن [............] (١) عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاء إلى ابن عباس رجل فقال : الأرض من أرض الخراج يعجز عنها أهلها أفأعمرها وأزرعها وأودي خراجها؟
قال : لا ، وجاء آخر فقال له ذلك قال : لا وتلا قوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) الآية إلى قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) ، أيعمد أحدكم إلى الصغار في عنق أحدهم فينزعه فيجعله في عنقه (٢)؟
وقال كليب بن وائل : قلت لا بن عمر : اشتريت أرضا ، قال : الشراء حسن. قال : فإنّي أعطي من كل جريب أرض درهما وقفيز طعام؟ قال : ولا تجعل في عنقك صغارا.
وروى ميمون بن مهران عن ابن عمر قال ما يسرّني أن لي الأرض كلها بجزية خمسة دراهم أقر فيها الصغار على نفسي.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) الآية ، روى سعيد بن جبير ، وعكرمة عن ابن عباس. قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سلام بن مسلم والنعمان بن أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف قالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله. فأنزل الله في قولهم : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) ، وقرأ ابن محيصن وعاصم والكسائي : (عُزَيْرٌ) بالتنوين ، وهو قول أبي عبيد وأبي حاتم.
وقرأ الباقون بغير تنوين ، فمن نوّن قال : لأنه اسم خفيف فوجهه أن ينصرف وإن كان أعجميا مثل نوح ولوط وهود ، وقال أبو حاتم والمبرّد : الاختيار التنوين لأنه ليس بمنسوب ، والكلام ناقص وفي موضع الخبر وليس بنصب ، وإنما جاز التنوين في النعت إذا كان الاسم يستغني عن الابن أو ينسب إلى اسم معروف أو لقب غلب عليه ، مثل محمد بن عبد الله ويزيد ابن عبد الله ، لأن النعت والمنعوت كالشيء الواحد فينوّن في الخبر ويحذف في الصفة ، وربما أثبتوا التنوين في الصفة ، ويقول الشاعر ، أنشده الفرّاء :
والّا تكن مال هناك فإنّه |
|
سيأتي ثنائي زيدا بن مهلهل |
وأنشد الكسائي [............] (٣) مذهبه.
__________________
(١) كلمة غير مقروءة في المخطوط.
(٢) تفسير القرطبي : ٨ / ١١٦ ، وكذلك روى الأحاديث الآتية.
(٣) كلام مطموس في الخطوط.