وقيل بأن الهاء في قوله (لَهُ) راجعة إلى محمد صلىاللهعليهوسلم يعني وإنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء نظيره (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) في الآية إضمار ، مجازها ولقد أرسلنا من قبلك في شيع أمم من الأولين.
قاله ابن عباس وقتادة ، وقال الحسن : فرق الأولين وواحدتها شيعة وهي الفرقة والطائفة من الناس (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) كما فعلوا بك يعزي نبيه صلىاللهعليهوسلم (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ) يعني كما أسلكنا الكفر والتكذيب والاستهزاء بالرسل في قلوب شيع الأولين كذلك نسلكه أي نجعله وندخله (فِي قُلُوبِ) مشركي قومك (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) يعني حتى لا يؤمنوا بمحمد ، وفي هذه الآية ردّ على المعتزلة ، فقال سلكه يسلكه سلكا وسلوكا وأسلكه إسلاكا.
قال عدي بن زيد :
وكنت لزاز خصمك لم أعرّد |
|
وقد سلكوك في قوم عصيب (٢) |
(وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) وقائع الله لا من خلا من هكذا في الأمم نخوف أهل مكة.
(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) يعني ولو فتحنا على هؤلاء القائلين (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ ... باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) فظلت الملائكة تعرج فيه وهم يرونهم عيانا ، (لَقالُوا : إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) ، هذا قول ابن عباس وأكثر العلماء (٣).
قال الحسن : هذا العروج راجع إلى بني آدم يعني فظل هؤلاء الكافرون (فِيهِ يَعْرُجُونَ) أي يصعدون ومنه المعراج (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ) سدّت (أَبْصارُنا) قاله ابن عباس ، وقال الحسن : سحرت.
قتادة : أخذت.
الكلبي : أغشيت وعميت.
وكان أبو عمرو وأبو عبيدة يقولان : هو من سكر الشراب ومعناه قد عش أبصارنا السكر (٤) ، المؤرخ : دير بنا (٥).
وقرأ مجاهد وابن كثير : سُكِرَتْ بالتخفيف أي حبست ومنعت بالنظر كما سكر النهر ليحبس الماء (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) سحرنا محمد.
__________________
(١) سورة المائدة : ٦٧.
(٢) لسان العرب : ١٠ / ٤٤٢ ، وتفسير الطبري : ١٢ / ١٠٧.
(٣) راجع المصدر السابق : ١٤ / ١٧.
(٤) تفسير الطبري : ١٤ / ١٧.
(٥) تفسير القرطبي : ١٠ / ٨.