(وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ). قال ابن عبّاس : وكلهم ميت ثمّ يحشرهم ربهم جميعا الأوّل والآخر (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) يعني آدم عليهالسلام ، قال إنسانا لأنه عهد إليه فنسي. وذهب إلى هذا قوم من أهل اللغة وقالوا : وزنه إنسيان على وزن إفعلان فأسقط الياء منه لكثرة جريانه على الألسن ، فإذا صغّر ردت الياء إليه فيقول أنيسان على الأصل لأنه لا يكثر صغرا كما لا يكبر مكبرا.
وقال آخرون : إنما سمّي إنسانا لظهوره وإدراك البصر إياه وإليه ذهب نحاة البصرة وقالوا : هو على وزن فعلان فزيدت الياء في التصغير كما زيدت في تصغير رجل فقالوا : رويجل وليلة فقالوا : لويلة.
(مِنْ صَلْصالٍ) وهو الطين اليابس إذا نقرته سمعت له صلصلة أي صوتا من يبسه ، قيل : أن تمسه النار فإذا أصابته النار فهو فخار ، هذا قول أكثر المفسرين.
وروى أبو صالح عن ابن عبّاس : هو الطين الحرّ الطيب الذي إذا نضب عنه الماء تشقق وإذا حرّك تقعقع.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : هو الطين المنتن ، واختاره الكسائي وقال هو من قول العرب : صل اللحم وأصلّ إذا أنتن.
(مِنْ حَمَإٍ) جمع حمأة (مَسْنُونٍ).
قال ابن عبّاس : هو التراب المبتل المنتن ، يجعل صلصالا كالفخار ومثله ، قال مجاهد وقتادة : المنتن المتغير.
قال الفرّاء : هو المتغير وأصله من قول العرب : سننت الحجر على الحجر أي أحككته وما يخرج من بين الحجرين يقال له السنن والسنانة ومنه المسن.
أبو عبيدة : هو المصبوب ، وهو من قول العرب : سننت الماء على الوجه وغيره إذا صببته.
[سيبويه] : المسنون : المصور ، مأخوذ من سنة الوجه وهي صورته.
قال ذو الرمة :
[تريك] سنة وجه غير مقرفة |
|
ملساء ليس بها خال ولا ندب (١). |
(وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ).
قال ابن عبّاس : هو أب الجن.
__________________
(١) لسان العرب : ٩ / ٢٨١.