الأسود بقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَما نَقَمُوا) منه ، ما أنكروا منه ولا [ينقمون] (إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) [ويقال : إنّ القتيل] مولى الجلاس قتل ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بديته اثني عشر ألفا فاستغنى ، وقال الكلبي : كانوا قبل قدوم النبي صلىاللهعليهوسلم في ضنك من عيشهم ، لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة ، فلمّا قدم النبي صلىاللهعليهوسلم استغنوا بالغنائم ، وهذا مثل مشهور : اتّق شر من أحسنت إليه.
ثم قال الله عزوجل (فَإِنْ يَتُوبُوا) من نفاقهم وكفرهم (يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا) يعرضوا عن الإيمان (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا) بالقتل والخزي (وَالْآخِرَةِ) بالنار (وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ).
(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨))
(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ) الآية.
روى القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي قال : جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ويحك يا ثعلبة قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه» ثم أتاه بعد ذلك. فقال : يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : و (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، والذي نفسي بيده لو أردت أن تصير الجبال معي ذهبا وفضة لصارت» ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا ، والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالا لأعطينّ كلّ ذي حق حقه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم ارزق ثعلبة مالا» [٣٢].
قال : فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ، فنزل واديا من أوديتها وهي تنمو كما تنمو الدود ، وكان يصلّي مع النبي صلىاللهعليهوسلم الظهر ، ويصلّي في غنمه ساير الصلوات ، ثم كثرت ونمت حتى تباعد عن المدينة فصار لا يشهد إلا الجمعة ، ثم كثرت ونمت فتباعد حتى كان لا يشهد جمعة ولا جماعة ، فكان إذا كان يوم الجمعة يمر على الناس يسألهم عن الأخبار ، فذكره رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسأل ذات يوم فقال : ما فعل ثعلبة؟ قالوا يا رسول الله اتخذ ثعلبة غنما ما يسعها واد.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة» وأنزل الله تعالى آية الصدقة فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من بني سليم ورجل من جهينة وكتب لهما إتيان الصدقة