وقال النضر بن شميل : هو الطيب نفسه في الصدقة يعني عبد الرحمن وعاصم.
(وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) طاقتهم يعني أبا عقيل.
قرأ عطاء والأعرج : جَهْدَهُمْ بفتح الجيم ، وهما لغتان مثل الجهد والجهيد ، والضم لغة أهل الحجاز ، والفتح لغة أهل نجد.
وكان الشعبي يفرق بينهما فيقول الجهد : في العمل والجهد في القوة ، وقال القتيبي في الجهد : الطاقة والجهد المشقة (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) أو جازاهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
روى ابن عليّة عن الحريري عن أبي العليل قال : وقف على الحجر رجل فقال : حدثني أبي أو عمّي قال : شهدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : «من يصّدق اليوم بصدقة أشهد له بها عند الله يوم القيامة». قال : وعليّ عمامة لي فنزعت منها لوثا أو لوثين لأتصدق بها ثم أدركني بما يدرك ابن آدم فعصّبت بها رأسي ، قال : فجاء رجل لا أرى بالبقيع رجلا أقصر قامة ولا أشدّ سواد ولا أدم منه يقود ناقة لم أر بالبقيع ناقة أحسن ولا أجمل منها. فقال : هي وما في بطنها صدقة يا رسول الله ، فألقى إليه بخطامها قال : فلمزه رجل جالس فقال : والله لم يتصدق بها ولهي خير منه. فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «بل هو خير منك ومنها (١)» [٤١] ، يقول ذلك مليا فأنزل الله عزوجل هذه الآية ثم قال (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ) يعني لهؤلاء المنافقين (أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) لفظه [أمر ومعناه] جزاء تقديره : إن أستغفرت لهم أو لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) والسبعون عند العرب غاية تستقصى بالسبعة ، والأعضاء ، والسبعة تتمة عدد الخلق ، كالسماوات والأرض والبحار والأقاليم.
ورأيت في بعض التفاسير : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) بإزاء صلواتك على [قبر] حمزة (٢) لن يغفر الله لهم.
قال الضحاك : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله قد رخّص لي فسأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم» [٤٢].
فأنزل الله عزوجل : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٣).
وذكر عروة بن الزبير أن هذه الآيات نزلت في عبد الله بن أبي حين قال لأصحابه : لولا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لانفضّوا من حوله ، ثمّ قال : (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ). فأنزل الله تعالى (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ). فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لأزيدن على السبعين»
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١٠ / ٢٥٠.
(٢) كذا في المخطوط ، وكلمة «قبر» زيادة منّا.
(٣) سورة المنافقون : ٦.