يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) قال قتادة : والله [ما تنامى] أن وقع في النار ، وذكر لنا أنه حفرت بقعة فيها فرأى الدخان يخرج منه قال جابر بن عبد الله : رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار ، وقال خلف بن ياسين الكوفي : حججت مع أبي في زمان بني أمية فرأيت في المدينة مسجد القبلتين يعني مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقبا وفيه قبلة بيت المقدس ، فلما كان زمان أبي جعفر قالوا : يدخل الجاهل فلا يعرف القبلة فهدّم البناء الذي بني على يدي عبد الصمد بن عليّ ، ورأيت مسجد المنافقين الذي ذكره الله تعالى في القرآن وفيه جحر يخرج منه الدخان وهو اليوم مزبلة (١).
(لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً) شكّا ونفاقا (فِي قُلُوبِهِمْ) يحسبون أنهم كانوا ببنائه محسنين كما حبب العجل إلى قوم موسى. قال ابن عباس : شكا ونفاقا ، وقال الكلبي : حبّبه وزيّنه لأنّهم زعموا أنهم لا يتبعونه ، وقال السدي وحبيب والمبرد : لأنّ الله هدم بنيانهم الذي بنوا حزازة في قلوبهم (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) تتقطع قلوبهم فيموتوا كقوله تعالى : (لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٢) لأن الحياة تنقطع بانقطاع القلب.
وقرأ الحسن ويعقوب وأبو حاتم : إلى أن تقطع ، خفيفة على الغاية ، يدل عليه تفسير الضحاك وقتادة ، لا يزالون في شك منهم إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبيّنوا.
واختلف القراء في قوله (تَقَطَّعَ). قال أبو جعفر وشيبة وابن عامر وحمزة والمفضل وحفص : (تَقَطَّعَ) بفتح التاء والطاء مشددا ، يعني تقطع ثم حذفت إحدى التائين ، وقرأ يحيى بن كثير ومجاهد ونافع وعاصم وأبو عمرو والكسائي تُقَطَّعَ بضم التاء وتشديد الطاء على غير تسمية الفاعل وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم ، وقرأ يعقوب تُقْطَعَ بضم التاء خفيفة من القطع.
وروي عن ابن كثير (تَقْطَعَ) بفتح التاء خفيفة قُلُوبَهُمْ نصبا أي تفعل أنت ذلك بهم ، وقرأ ابن مسعود والأعمش ولو قطعت قلوبهم.
(وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١) التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٤٠٥.
(٢) سورة الحاقة : ٤٦.