الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢) ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤))
(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) قال محمد بن كعب القرظي : لما بايعت الأنصار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفسا. قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال : «اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم» ، قالوا : فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال : «الجنة» [٦٠] (١).
وقال الأعمش : الجنة وهي قراءة عمر بن الخطاب رضياللهعنه (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) قال إبراهيم النخعي والأعمش وحمزة والكسائي وخلف بتقديم المفعول على الفاعل على معنى فيقتل بعضهم ويقتل الباقون ، وقرأ الباقون : بتقديم الفاعل على المفعول (وَعْداً) نصب على المصدر (عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) ثم هنّأهم فقال عزّ من قائل : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) قال قتادة : ثامنهم وأغلى ثمنهم ، وقال الحسن : أسمعوا بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن ، والله ما على وجه الأرض مؤمن إلّا دخل في هذه البيعة.
قال : ومرّ أعرابي بالنبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقرأ هذه الآية قال : كلام من هذا؟ قال : كلام الله.
قال : بيع والله مربح لا نقيله ولا نستقيله فخرج إلى الغزو فاستشهد (٢).
أنشدنا أبو القاسم الحسن بن محمد الحبيبي. قال : أنشدنا أبو الحسن العقيلي. أنشدنا بشر بن موسى الأسدي. أنشدني الأصمعي عن جعفر الصادق رضياللهعنه.
أثامن بالنفس النفيسة ربها |
|
فليس لها في الخلق كلهم ثمن |
بها تشترى الجنات إن أنا بعتها |
|
بشيء سواها إن ذلكم غبن |
إذا أذهبت نفسي بدنيا أصبتها |
|
فقد ذهب الدنيا وقد ذهب الثمن (٣) |
وكان الصادق يقول : أيا من ليست له قيمة أنه ليس لأبدانكم إلّا الجنة فلا تبيعوها إلّا بها.
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١١ / ٤٩.
(٢) انظر : تفسير القرطبي : ٨ / ٢٦٨.
(٣) راجع تفسير القرطبي : ٨ / ٢٦٨ ، وفيه بدل الشطر الأخير :
لقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن