وانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أهله حزينا لما فاته من متابعة قومه ولما رأى من مباعدتهم فأنزل الله تعالى (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ) (١) (٢).
قال أهل الكوفة : (تَفْجُرَ) خفيفة بفتح التاء وضم الجيم ، واختاره أبو حاتم لأن الينبوع واحد.
[قرأ] الباقون بالتشديد على التفعيل ، واختاره أبو عبيد ولم يختلفوا في الثانية أنها مشددة لأجل الأنهار لأنها جمع ، والتشديد يدل على التكثير من الأرض يعني أرض مكة (يَنْبُوعاً) يعني عيونا هو مفعول من نبع الماء.
(أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها) وسطها (تَفْجِيراً) [رقيقا] (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) قرأ أكثر قراء العراق : بسكون السين أي قطعة أجمع كسفه وهو جمع الكثير ، مثل تمرة وتمر وسدرة وسدر.
تقول العرب : أعطني كسفة من هذا الثوب أي قطعة ، ويقال : منه جاءنا ببريد كسف أي قطع خبز ، وقيل : أراد جاثيا.
وفتح الباقون السين ، وهو القطع أيضا جمع القليل للكسفة.
(أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً).
قال ابن عبّاس : كفيلا. الضحاك : ضامنا. مقاتل : شهيدا.
مجاهد : جمع القبيلة أيّ بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة.
قتادة : عيانا. الفراء : هو من قول العرب : لقيت فلانا قبلا وقبلا أي معاينة.
(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) من ذهب وأصله الزينة.
مجاهد : كنت لا أدري ما الزخرف حتّى رأيته في قراءة ابن مسعود : بيت من ذهب.
(أَوْ تَرْقى) تصعد (فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) أيّ من أجل رقيك صعودك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) أمرنا فيه باتباعك (قُلْ) يا محمّد (سُبْحانَ رَبِّي).
وقرأ أهل مكة والشام : قال سبحان ربي يعني محمد صلىاللهعليهوسلم (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) وليس ما سألتم في طوق البشر ولا قدرة الرسل (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ) جهلا منهم (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) وإن الأولى في محل النصب والثانية في
__________________
(١) بطوله في تفسير الطبري : ١٥ / ٢٠٦ ، ٢٠٥.
(٢) زاد المسير لابن الجوزي : ٥ / ٦١.