فأجابهم الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) في عظمها وشدتها وكثرة أجزائها وقوتها (قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) في صغرهم وضعفهم نظيره قوله (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (١) وقوله (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) (٢).
(وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً) أي وقتا لعذابهم وهلاكهم (لا رَيْبَ فِيهِ) إنه إليهم ، وقيل : إن هذا جواب لقولهم (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) ، وقيل : هو يوم القيامة ، وقيل : هو الموت الذي يعاينونه (فَأَبَى الظَّالِمُونَ) الكافرون (إِلَّا كُفُوراً) جحودا (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) أيّ أملاك ربي وأمواله وأراد بالرحمة هاهنا الرزق (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ) لبخلتم وحبستم (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) أي الفاقة ، (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) أي بخيلا ممسكا ضيقا.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩) قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١))
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) قال ابن عبّاس والضحاك : هي العصا واليد البيضاء والعقدة التي كانت بلسانه فحلها وفلق البحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.
وقال : عكرمة : مطر ، الوراق وقتادة ومجاهد والشعبي وعطاء : هي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد والسنون ونقص من الثمرات.
وعن محمّد بن كعب القرظي قال : سألني عمر بن عبد العزيز عن الآيات التسع ، فقلت : (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) وعصا موسى ويده والطمس والبحر.
فقال عمر : وأنا أعرف إن الطمس إحداهن.
__________________
(١) سورة المؤمن : ٥٧.
(٢) سورة النازعات : ٢٧