صوته ، فقال أبو جهل للمشركين : ألا ترون ما فعلت بابن أبي كبشة ، رددته عن قراءته فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وروى [علقمة] عن ابن سيرين في هذه الآية قال : كان أبو بكر رضياللهعنه يخافت بالقراءة في الصلاة ويقول : أناجي ربي ، وقد علم بحاجتي ، وكان عمر بن الخطاب يرفع صوته ويقول : أزجر الشيطان وأوقظ المنان ، فأمر أبو بكر حين نزلت هذه الآية أن يرفع صوته شيئا ، وأمر عمر أن يخفض شيئا (٢).
وقالت عائشة رضي رضياللهعنه : نزلت هذه الآية في التشهد ، كان الأعرابي يجهر فيقول : التحيات لله والصلوات ويرفع بها صوته ، فنزلت هذه الآية ، وقال الحسن : [لا تراء] بصلاتك في العلانية ولا [تسئها] في السر.
الوالبي عن ابن عباس : لا تصلّ مرائيا الناس ، ولا تدعها مخافة الناس ، ابن زيد : كان أهل الكتاب يخافتون في الصلاة ، لم يجهر أحدهم بالحرف فيصيح ويصيح من وراءه ، فنهاه الله أن يصيح كما يصيحون ، وخافت كما يخافتون ، والسبيل الذي بين ذلك الذي بيّن له جبرئيل في الصلاة.
وقال : علي والنخعي ومجاهد وابن مكحول : هي في الدعاء (٣) ، [وبه قال أشعث عن] عطية (٤) عن ابن عباس ، وقال عبد الله بن شدّاد : كان أعراب من بني تميم إذا سلّم النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا : «اللهم ارزقنا» ، فقال لهم : أتجهرون؟ فأنزل الله هذه الآية.
ابن وهب عن عمرو بن الحرث عن دراج أبي السمح أن شيخا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حدّثه أن رسول الله قال في هذه الآية : «إنما أنزلت في الدعاء ، يقول : لا ترفع صوتك في الدعاء عند استغفارك واذكر ذنوبك فيسمع منك فتعبّر بها وتخافت في الصوت والسكون» [٦١] ، ومنه يقال للميّت إذا برد خفت.
(وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ) أي بين الجهر والإخفات (سَبِيلاً وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) قال الحسين بن الفضل : يعني الذي عرّفني أنّه لم يتخذ ولدا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) قال مجاهد : لم يذل فيحتاج الى ولي يتعزز به.
(وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) وعظّمه أن يكون له شريك أو ولي ، قال عمر بن الخطاب رضياللهعنه : قول العبد : «الله أكبر» خير من الدنيا وما فيها.
__________________
(١) زاد المسير ٥ / ٧٠.
(٢) تفسير الطبري : ١٥ / ٢٣٢.
(٣) يراجع تفسير ابن كثير : ٣ / ٧٣.
(٤) في تفسير ابن كثير : عكرمة عن ابن عباس.