ذر ، ثمّ ادع الريح الرخاء المسخّر لسليمان بن داود عليهماالسلام فإن الله تعالى أمرها أن تطيعك».
ففعل النبي صلىاللهعليهوسلم ما أمره ، فحملتهم الريح حتى انطلقت بهم إلى باب الكهف ، فلما دنوا من الباب قلعوا منه حجرا ، فقام الكلب حين أبصر الضوء فهرّ وحمل عليهم ، فلما رآهم حرّك رأسه وبصبص بذنبه وأومأ برأسه أن ادخلوا ، فدخلوا الكهف وقالوا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فردّ الله إليهم أرواحهم ، فقاموا بأجمعهم وقالوا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فقالوا : إنّ نبي الله محمد ابن عبد الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ عليكم السلام. فقالوا : على محمد رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض ، وعليكم بما بلّغتم. ثمّ جلسوا بأجمعهم يتحدثون ، فآمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وقبلوا دين الإسلام ، وقالوا : أقرئوا محمدا منّا السلام. فأخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي.
ويقال : إنّ المهدي يسلّم عليهم ، فيحييهم الله عزوجل ، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم ولا يقومون إلى يوم القيامة.
ثمّ جلس كل واحد منهم على مكانه ، وحملتهم الريح ، وهبط جبرئيل عليهالسلام [على النبي صلىاللهعليهوسلم] وأخبره بما كان [منهم] (١) ، فلما أتوا النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كيف وجدتموهم؟ وما الذي أجابوا؟». فقالوا : يا رسول الله ، دخلنا عليهم فسلّمنا عليهم ، فقاموا بأجمعهم ، فردّوا السّلام ، وبلّغناهم رسالتك فأجابوا وأنابوا وشهدوا أنّك رسول الله حقا ، وحمدوا الله عزوجل على ما أكرمهم بخروجك وتوجيه رسولك إليهم ، وهم يقرئونك السلام.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم لا تفرّق بيني وبين أصهاري وأحبائي وأختاني ، واغفر لمن أحبّني وأحب أهل بيتي وحامّتي ، وأحبّ أصحابي» (٢) [٦٧].
فذلك قوله عزوجل (إِذْ أَوَى) أي صار وانضم (الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) ، وهو غار في جبل ينجلوس ، واسم الكهف خيرم ، (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) أي يسّر لنا ما نلتمس من رضاك. وقال ابن عباس : (رَشَداً) أي مخرجا من الغار في سلامة.
وقيل : صوابا.
قوله : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) هذا من فصيحات القرآن التي أقرّت العرب بالقصور عن الإتيان بمثله ، ومعناه : أنمناهم وألقينا وسلّطنا عليهم النوم ، كما يقال : ضرب الله فلان بالفالج ، أي ابتلاه به وأرسله عليه. وقيل : معناه حجبناهم عن السّمع ، وسددنا نفوذ الصوت إلى مسامعهم ، وهذا وصف الأموات والنيام. وقال قطرب : هو كقول العرب : ضرب الأمير علي يد
__________________
(١) في المخطوط : منه.
(٢) تفسير القرطبي : ١٠ / ٣٩٠ بتفاوت يسير.