على لفظ التثنية ، يعني الجنتين ، وكذلك هو في مصاحفهم. (مُنْقَلَباً) ، أي منزلا ومرجعا.
يقول : لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلّا ولي عنده أفضل في الآخرة.
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ) المسلم (وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ) يعني خلق أباك وأصلك (مِنْ تُرابٍ ثُمَ) خلقك (مِنْ نُطْفَةٍ) يعني ماء الرجل والمرأة (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) ، أي عدلك بشرا سويّا ذكرا. (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ، يقول : أما أنا فلا أكفر بربي ، و (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي). قال الكسائي : فيه تقديم وتأخير مجازه : لكن الله هو ربّي. وقال الآخرون : أصله (لكن أنا) فحذفت الهمزة طلبا للخفة ؛ لكثرة استعماله ، وأدغمت إحدى النونين في الأخرى ، وحذفت ألف (أنا) في الوصل. وقرأ ابن عامر ويعقوب : (لكنا) ، بإتيان الألف بالوصل ، كقول الشاعر :
أنا سيف العشيرة فاعرفوني |
|
حميدا قد تذريت السناما (١) |
ولا خلاف في إثباتها في الوقف. (وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً. وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ) ، (ما) في موضع رفع ، يعني : هي ما شاء الله ، ويجوز أن تكون في موضع النصب بوقوع (شاءَ) عليه. وقيل : جوابه مضمر مجازه : ما شاء الله كان وما لا يشاء لا يكون.
[أخبرنا أبو عمرو الفراتي : القاسم بن كليب : العباس بن محمد الدوزي : حجاج : أبو بكر الهذلي عن يمامة بن عبد الله بن أنس] (٢) عن أنس بن مالك أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من رأى شيئا فأعجبه فقال : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) لم يضرّه» [٧٣] (٣).
ثمّ قال : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) ، أنا عماد ولذلك نصب. (فَعَسى) : فلعلّ (رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ) في الآخرة (خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها) : يبعث على جنتك (حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) ، قال قتادة والضّحاك : عذابا. وقال ابن عباس : نارا. وقال ابن زيد : قضاء من الله عزوجل يقضيه. قال الأخفش والقتيبي : مرام من السماء واحدتها حسبانة ، (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) ، قال قتادة : يعني صعيدا أملس لا نبات عليه. وقال مجاهد : رملا هايلا وترابا. قال ابن عباس : هو مثل الحزن. (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) أي غائرا منقطعا ذاهبا في الأرض لا تناله الأيدي ولا الرشا والدلاء. والغور مصدر وضع موضع الاسم ، كما يقال : صوم وزور وعدل ، ونساء نوح يستوي فيه الواحد والاثنان والمذكر والمؤنث. قال عمرو بن كلثوم :
تظل جياده نوحا عليه |
|
مقلّدة أعنتها صفونا (٤) |
وقال آخر :
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١٥ / ٣٠٨ ، ولسان العرب : ١٣ / ٣٧ وفيه : جميعا ، بدل : حميدا.
(٢) زيادة عن نسخة أصفهان.
(٣) مجمع الزوائد : ٥ / ١٠٩.
(٤) جامع البيان للطبري : ١٥ / ٣١٠.