قال : ضمن الله لمن قرأ القرآن لا يضلّ في الدّنيا ولا يشقى في الآخرة ثمّ قرأ (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى).
وبإسناده عن أبي بكر بن أبي شيبة قال : حدّثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال : من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة ووقاه يوم القيامة سوء الحساب ، وذلك بأنّ الله يقول (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى).
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) يعني عن القرآن فلم يؤمن به ولم يتّبعه (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ضيقا يقال : منزل ضنك وعيش ضنك ، يستوي فيه الذكر والأنثى والواحد والاثنان والجمع ، قال عنترة :
وإذا هم نزلوا بضنك فانزل (١)
واختلف المفسّرون في المعيشة الضنك ، فاخبرني أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد الحيري (٢) قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال : حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال : حدّثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدّثنا حماد بن سلمة عن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : في قوله سبحانه (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : «عذاب القبر».
وقال ابن عباس : الشقاء ، مجاهد : الضيق ، الحسن وابن زيد : الزقوم والغسلين والضريع ، قتادة : يعني في النار ، عكرمة : الحرام ، قيس بن أبي حازم : الرزق في المعصية ، الضحاك : الكسب الخبيث ، عطيّة عن ابن عباس يقول : كلّ مال أعطيته عبدا من عبادي قلّ أو كثر لا يتّقيني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة ، وإنّ قوما ضلّالا أعرضوا عن الحق وكانوا أولي سعة من الدنيا مكثرين فكانت معيشتهم ضنكا ، وذلك أنّهم كانوا يرون أنّ الله ليس بمخلف لهم معائشهم من سوء ظنّهم بالله والتكذيب به ، فإذا كان العبد يكذب بالله ويسيء الظنّ به اشتدت عليه معيشته فذلك الضنك أبو سعيد الخدري : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويسلّط عليه في قبره تسعة وتسعون تنّينا ، لكلّ تنّين سبعة رؤوس تنهشه وتخدش لحمه حتى يبعث ، ولو أنّ تنّينا منها ينفخ في الأرض لم تنبت زرعا. مقاتل : معيشة سوء لأنّها في معاصي الله. سعيد بن جبير : سلبه القناعة حتى لا يشبع.
(وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) قال ابن عباس : أعمى البصر ، مجاهد : أعمى عن الحجّة.
__________________
(١) مطلعه : فأعنهم وأبشر بما بشروا به. راجع تفسير الطبري : ٣ / ٣٤١ ولسان العرب : ١ / ٧١٢ و ٤ / ٦٢.
(٢) في نسخة أصفهان : سعيد بن محمد الحبري.