وعمل صالحا ولم يشرك بي ولم يتخذ من دوني أندادا ، ومن خشيني فهو آمن ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته ومن توكل عليّ كفيته ، إني (أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) لا أخلف الميعاد قد أفلح المؤمنين تبارك (اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) قال : قد رضيت. قال ثمّ أتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا منتنه فقال : ما هذا يا جبرئيل؟ قال : هذا صوت جهنم تقول : [يا ربّ آتني] (١) ما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي ، وقد بعد قعري واشتد حرّي ائتني بما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار (لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ).
قالت : قد رضيت يا رب ، ثمّ سار ومعه جبرئيل فقال له جبرئيل : انزل فصل. قال : فنزلت وصليت ، فقال : أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجرة إلى الله. ثمّ قال : انزل فصلّ قال فنزلت فصليت فقال : أتدري أين صليت! صليت بطور سيناء حيث (كَلَّمَ اللهُ مُوسى) ثمّ قال : انزل فصل ، قال : فنزلت فصليت. فقال : أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليهالسلام قال : ثمّ مضينا حتّى أتينا بيت المقدس فلما انتهيت إليه إذا أنا بملائكة قد نزلوا من السماء يتلقونني بالبشارة والكرامة من عند رب العزة يقولون : السلام عليك يا أول ويا آخر ويا حاشر ، قال : قلت يا جبرئيل ما تحيتهم إياي؟ قال : إنك أول من تنشر عنه الأرض وعن أمتك ، وأول شافع وأول مشفع وإنك آخر الأنبياء وإن الحشر لك وبأمتك يعني حشر يوم القيامة».
قال صلىاللهعليهوسلم : «ثمّ جاوزناهم حتّى انتهينا إلى باب المسجد ، فأنزلني جبرئيل وربط البراق بالحلقة الي كانت تربط بها الأنبياء عليهالسلام بحطام عليه من حرير الجنة ، فلما دخلت الباب إذا أنا بالأنبياء والمرسلين» [١٨] (٢).
وفي حديث أبي العالية : «أرواح الأنبياء والمرسلين الذين بعثهم الله قبلي من لدن إدريس ونوح إلى عيسى قد جمعهم الله عزوجل ، فسلموا عليّ وحيوني بمثل تحية الملائكة قلت : يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال : إخوتك الأنبياء ، زعمت قريش أن لله شريكا ، واليهود والنصارى أن لله ولدا ، سل هؤلاء المرسلين هل لله شريك؟ وذلك قوله تعالى (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٣) فأقرّوا بالربوبية لله تعالى ثمّ جمعهم والملائكة صفوفا فقدمني وأمرني أن أصلي بهم فصليت بهم ركعتين. ثمّ إن الأنبياء أثنوا على ربهم فقال إبراهيم عليهالسلام الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني (مُلْكاً عَظِيماً) وجعلني
__________________
(١) عن تفسير الطبري : ١٥ / ١٢.
(٢) راجع تفسير الطبري : ١٥ / ١٠ ـ ١٦.
(٣) سورة الزخرف : ٤٥.