أحدهما : أنّها بمعنى الذي مجازة هل يذهبن كيده الذي يغيظه فحذف الهاء ليكون أخفّ.
والثاني : أنّها مصدر ، مجازه : هل يذهبن كيده غيظه.
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) يعني عبدة الأوثان ، وقال قتادة : الأديان خمسة : أربعة للشيطان وواحد للرحمن. (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ) يحكم (بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) قال النحاة : «إِنَّ اللهَ» خبر لقوله «إِنَّ الَّذِينَ» كما تقول : إنّ زيدا ان الخير عنده لكثير ، كقول الشاعر :
إنّ الخليفة إن الله سربله |
|
سربال ملك به ترجى الخواتيم (١) |
(أَلَمْ تَرَ) بقلبك وعقلك (أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ).
قال مجاهد : سجودها : تحوّل ظلالها ، وقال أبو العالية : ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلّا يقع لله ساجدا حين يغيب ، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حين يرجع إلى مطلعه.
وقال أهل الحقائق : سجود الجماد وما لا يعقل ما فيها من ذلّة الخضوع والتسخير وآثار الصنعة والتصوير الذي يدعو العاقلين إلى السجود لله سبحانه ، كما قال الشاعر :
وفي كلّ شيء له آية |
|
تدلّ على أنّه واحد (٢) |
(وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) بكفره وهو مع ذلك يسجد لله ظلّه ، قال مجاهد : وقيل : يسجد لله أي يخضع له ويقرّ له بما يقتضيه عقله ويضطره إليه ، وإن كفر بغير ذلك من الأمور.
قالوا : وفي قوله (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) واو العطف.
وقال بعضهم : هو واو الاستئناف ، معناه : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) بكفره وإبائه السجود.
حكى لي أبو القاسم بن حبيب عن أبي بكر بن عياش أنّه قال : في الآية إضمار مجازها : وسجد (كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، وَ) أبى (كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ).
(وَمَنْ يُهِنِ اللهُ) أي يهنه الله (فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) قرأه العامة بكسر الراء ، وقرأ إبراهيم بن
__________________
(١) لسان العرب : ١٢ / ١٦٤.
(٢) تاج العروس : ٩ / ٣٩٨.