أبي عيلة (١) : فَما لَهُ مِنْ مُكْرَمٍ بفتح الراء أي إكرام كقوله سبحانه (أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) (٢) و (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً) (٣) أي إدخالا وإنزالا.
(إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ).
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥) وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦))
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) أي في دينه وأمره ، والخصم اسم شبيه بوصف المصدر فلذلك قال : (اخْتَصَمُوا) ، نظيرها (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٤).
واختلف المفسّرون في هذين الخصمين من هما؟ فروى قيس بن عبّاد أنّ أبا ذرّ الغفاري كان يقسم بالله سبحانه أنزلت هذه الآية في ستّة نفر من قريش تبادروا يوم بدر : حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وعبيدة بن الحارث ، قال : وقال علي : إنّي لأوّل من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي الله سبحانه وتعالى ، وإلى هذا القول ذهب هلال بن نساف وعطاء بن يسار. وقال ابن عباس : هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين : نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا ونبيّنا قبل نبيكم ، وقال المؤمنون : نحن أحقّ بالله ، آمنّا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وآمنّا بنبيّكم وبما أنزل الله سبحانه من كتاب ، فأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا ، وكان ذلك خصومتهم في ربّهم.
وقال مجاهد وعطاء أبن أبي رباح وعاصم بن أبي النجود والكلبي : هم المؤمنون والكافرون كلّهم من أىّ ملّة كانوا.
__________________
(١) في النسخة الثانية : ابن عيلة.
(٢) سورة الإسراء : ٨٠.
(٣) مسند أحمد : ٢ / ٣١٤.
(٤) ص : ٢١.