وقال بعضهم : قل ما يعبأ بمغفرتكم ربّي (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) معه آلهة وشركاء ، بيانه قوله سبحانه وتعالى (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) (١) وهذا المعنى قول الضحّاك.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال : حدّثنا أبو حاتم قال : حدّثنا أبو طاهر بن السرج قال : حدّثنا موسى بن ربيعة الجمحي قال : سمعت الوليد بن الوليد يقول : بلغني أنّ تفسير هذه الآية (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) يقول : ما خلقتكم وبي إليكم حاجة إلّا أن تسألوني فأغفر لكم ، وتسألوني فأعطيكم.
(فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) يا أهل مكة.
وأخبرنا شعيب بن محمد قال : أخبرنا مكي بن عبدان قال : حدّثنا أحمد بن الأزهر قال : حدّثنا روح بن عبادة قال : حدّثنا شعبة بن عبد الحميد بن واصل قال : سمعت مسلم بن عمّار قال : سمعت ابن عباس يقرأ : فقد كذّب الكافرون (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً).
وبه شعبة عن أدهم يعني السدوسي عن أنّه كان خلف بن الزبير يقرأ (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) فلمّا أتى على هذه الآية قرأها : فقد كذّب الكافر (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) ، ومعنى الآية فسوف يكون تكذيبهم لزاما. قال ابن عباس : موتا. ابن زيد : قتالا ، أبو عبيدة : هلاكا.
وأنشد :
فاما ينجوا من حتف أرضي |
|
فقد لقيا حتوفهما لزاما (٢) |
وقال بعض أهل المعاني : يعني فسوف يكون جزاء يلزم كل عامل ما عمل من خير أو شر ، وقال ابن جرير : يعني عذابا دائما لازما وهلاكا مفنيا يلحق بعضكم بعضا كقول أبي ذؤيب.
ففاجأه بعادية لزام |
|
كما يتفجّر الحوض اللقيف (٣) |
يعني باللزام الكثير الذي يتبع بعضه بعضا وباللفيف الحجار المنهد ، واختلفوا في اللزام هاهنا فقال قوم : هو يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون ، وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي ابن كعب وأبي مالك ومجاهد ومقاتل.
روى الأعمش عن مسلم عن مسروق قال : قال عبد الله : خمس قد مضين : الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم. وقال آخرون : هو عذاب الآخرة.
__________________
(١) سورة النساء : ١٤٧.
(٢) لسان العرب : ١٢ / ٥٤١.
(٣) جامع البيان للطبري : ١٩ / ٧١.