وقال بعضهم : أراد أئمة كما يقول القائل : أميرنا هؤلاء يعني أمراؤنا ، وقال الله سبحانه عزوجل (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) (١) ، وقال الشاعر :
يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي |
|
إنّ العواذل لسن لي بأمين (٢) |
أي أمناء.
(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) يثابون الدرجة الرفيعة في الجنة (بِما صَبَرُوا) على أمر ربهم وطاعة نبيّهم ، وقال الباقر : على الفقر.
(وَيُلَقَّوْنَ) قرأ أهل الكوفة بفتح الياء وتخفيف القاف ، واختاره (٣) أبو عبيد لقوله (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) (٤).
(خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي) أي ما يصنع وما يفعل ، عن مجاهد وابن زيد.
وقال أبو عبيد : يقال : ما عبأت به شيئا أي لم أعدّه ، فوجوده وعدمه سواء ، مجازه : أي مقدار لكم ، وأصل هذه الكلمة تهيئة الشيء يقال : عبّأت الجيش وعبأت الطيب أعبّئه عبؤا وعبوا إذا هيّأته وعملته ، قال الشاعر :
كأن بنحره وبمنكبيه |
|
عبيرا بات يعبؤه عروس(٥) |
(لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) إيّاه ، وقيل : لو لا عبادتكم ، وقيل : لو لا إيمانكم. واختلف العلماء في معنى هذه الآية فقال قوم : معناها قل ما يعبأ بخلقكم ربّي لو لا عبادتكم وطاعتكم إيّاه ، يعني أنّه خلقكم لعبادته نظيرها قوله سبحانه (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٦) وهذا معنى قول ابن عباس ومجاهد ، قال ابن عباس في رواية الوالبي : أخبر الله سبحانه الكفّار أنّه لا حاجة لربهم بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ، ولو كان له بهم حاجة لحبّب إليهم الإيمان كما حبّب إلى المؤمنين.
وقال آخرون : قل ما يعبأ بعذابكم ربّي (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) إيّاه في الشدائد ، بيانه (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٧) ونحوها من الآيات.
__________________
(١) سورة الشعراء : ٧٧.
(٢) لسان العرب : ٤ / ٥٢٥.
(٣) في النسخة الثانية زيادة : الفرّاء ، قال : لأن المغرب يقول : فلان يلقى بالسلم وبالخبر بالباء وقلّما يقول : يلقى السلم ، وقرأ الآخرون (يُلَقَّوْنَ) بالتشديد واختاره.
(٤) سورة الإنسان : ١١.
(٥) لسان العرب : ١ / ١١٨.
(٦) سورة الذاريات : ٥٦.
(٧) سورة العنكبوت : ٦٥.