الآية ، وقال السدّي : وهي منسوخة بآية القتال ، العوّام بن حوشب عن مجاهد : إذا أتوا على ذكر النكاح كنّوا عنه ، ابن زيد : إذا مرّوا بما كان المشركون فيه من الباطل مرّوا منكرين له معرضين عنه ، وقال الحسن والكلبي : اللغو : المعاصي كلّها ، يعني إذا مرّوا بمجالس اللهو والباطل (مَرُّوا كِراماً) مسرعين معرضين ، يدل عليه ما روى إبراهيم بن ميسرة أنّ ابن مسعود مرّ بلهو مسرعا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أصبح ابن مسعود لكريما» (١) [٩٢].
وقال أهل اللغة : أصله من قول العرب ناقة كريمة ، وبقرة كريمة ، وشاة كريمة إذا كانت تعرض عن الحليب تكرّما كأنّها لا تبالي بما يحلب منها.
(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا) لم يقعوا ولم يسقطوا (عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) كأنّهم صمّ عمي ، بل يسمعون ما يذكرون به فيفهمونه ويرون الحق فيه فيتبعونه.
قال الفرّاء : ومعنى قوله (لَمْ يَخِرُّوا) أي لم يقيموا ولم يصيروا ، تقول العرب : شتمت فلانا فقام يبكي يعني فظلّ وأقبل يبكي ولا قيام هنالك ولعلّه بكى قاعدا ، وقعد فلان يشتمني أي أقبل وجعل وصار يشتمني ، وذلك جائز على ألسن العرب.
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ) ذُرِّيَّتِنا بغير ألف أبو عمرو وأهل الكوفة ، الباقون : (ذُرِّيَّاتِنا) بالألف (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) بأن يراهم مؤمنين صالحين مطيعين لك ، ووحّد (قُرَّةَ) لأنها مصدر ، وأصلها من البرد لأنّ العرب تتأذّى بالحر وتستروح إلى البرد.
(وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) أي أئمة يقتدى بها. قال ابن عباس : اجعلنا أئمة هداية كما قال (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (٢) ولا تجعلنا أئمة ضلالة كقوله (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) (٣).
قتادة : هداة دعاة خير.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف الفقيه قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون ابن خالد قال : حدّثني أبو جعفر أحمد بن عبد الله العازي الطبري المعروف بابن فيروز قال : حدّثنا الحكم بن موسى قال : حدّثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرّحمن بن زيد بن جابر عن مكحول في قول الله عزوجل (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) قال : أئمة في التّقوى يقتدي بها المتّقون ، وقال بعضهم : هذا من المقلوب واجعل المتّقين لنا إماما واجعلنا مؤتمّين مقتدين بهم ، وهو قول مجاهد ، ولم يقل أئمة لأنّ الإمام مصدر ، يقال : أمّ فلان فلانا مثل الصيام والقيام ، ومن جعله أئمة فلأنّه قد كثر حتى صار بمعنى الصفة.
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١٩ / ٦٤.
(٢) سورة الأنبياء : ٧٣.
(٣) سورة القصص : ٤١.