بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩))
(طسم) اختلف القرّاء فيها وفي أختيها فكسر الطاء فيهن على الإمالة حمزة والكسائي وخلف وعاصم في بعض الروايات. وقرأ أهل المدينة بين الكسر والفتح وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وقرأ غيرهم بالفتح على التضخيم ، وأظهر النون في السين هاهنا وفي سورة القصص أبو جعفر وحمزة للتبيين والتمكين ، وأخفاها الآخرون لمجاورتها حروف الفم. وأمّا تأويلها فروى الوالبي عن ابن عباس قال : (طسم) قسم وهو من اسماء الله سبحانه ، عكرمة عنه : عجزت العلماء عن علم تفسيرها. مجاهد : اسم السورة. قتادة وأبو روق : اسم من أسماء القرآن أقسم الله عزوجل به ، القرظي أقسم الله سبحانه بطوله وسنائه وملكه.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حنش (١) قال : حدّثني أحمد بن عبيد الله بن يحيى الدارمي قال : حدّثني محمد بن عبده المصّيصي قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي قال : حدّثنا محمد بن بشر الرقّي قال : حدّثنا أبو عمر حفص بن ميسرة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه قال : لما نزلت هذه الآية (طسم) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الطاء طور سيناء والسين الاسكندرية والميم مكة» (٢) [٩٤].
وقال جعفر الصادق عليهالسلام : الطاء طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى صلىاللهعليهوسلم.
(تِلْكَ آياتُ) أي هذه آيات (الْكِتابِ الْمُبِينِ لَعَلَّكَ باخِعٌ) قاتل (نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وذلك حين كذّبه أهل مكة فشق ذلك عليه فأنزل الله سبحانه هذه الآية ، نظيرها في الكهف.
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ذليلين قال : لو شاء الله سبحانه لأنزل عليهم آية يذلّون بها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله عزوجل ، ابن جريج : لو شاء لأراهم أمرا من أمره لا يعمل أحد منهم بمعصية.
__________________
(١) في النسخة الثانية : حبش المقري.
(٢) زاد المسير : ٦ / ٣٠.