(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (١) فرمى بقربته ، فأتاه آت في منامه بقدح من شراب الجنّة فسقاه.
قال أنس : فعاش بعد ذلك نيّفا وعشرين سنة لم يأكل ولم يشرب على شهوته.
وقال علي بن قادم : كان عبد الرّحمن بن أبي نعم لا يأكل في الشهر إلّا مرّة ، فبلغ ذلك الحجاج فدعاه وأدخله بيتا وأغلق عليه بابه ثم فتحه بعد خمسة عشر يوما ولم يشكّ أنّه مات فوجده قائما يصلّي فقال : يا فاسق تصلّي بغير وضوء! فقال : إنّما يحتاج الى الوضوء من يأكل ويشرب ، وأنا على الطهارة التي أدخلتني عليها هذا البيت.
وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد النيسابوري يقول : سمعت أبا نصر منصور بن عبد الله الأصبهاني يقول : سمعت أبا سعيد الخزاز بمكة يقول : كنت بطرسوس جائعا ، فاشتدّ بي الجوع فجلست على شاطئ النهر ووضعت رجلي في الماء فنوديت : أضجرت من جوعك؟ هاك شبع الأبد.
قال : فعاش بعده سنين لم يشته طعاما ولا شرابا ، وكان مع ذلك إذا أراد الاكل والشرب أمكنه.
وبلغني أنّ امرأة أسرت من حلب الى الروم في أيام سيف الدولة علي بن حمدان ، فهربت منهم ومشت مائتي فرسخ لم تطعم شيئا ، فقدمت الى سيف الدولة فقال لها : كيف قويت على المشي وكيف عشت بلا طعام؟ فقالت : كنت كلّما جعت أو أعييت أقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلاث مرّات فأشبع وأروى وأقوى.
وسمعت أبا القاسم؟ يقول : سمعت أبا القاسم النصرآبادي يقول : سمعت أبا بكر الشبلي يقول : في الخبز لطيفة تشبعك لا الخبز ، ولو شاء لأبقى فيك تلك اللطيفة حتى لا تحتاج الى الخبز.
وقال ذو النون المصري : يطعمني طعام المحبّة ويسقيني شراب المحبّة. ثم أنشأ يقول :
شراب المحبّة خير الشراب |
|
وكلّ شراب سواه سراب |
وسمعت ابن حبيب يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبيد الله الجرجاني يقول : سمعت الحسن بن علوية الدامغاني يقول (٢) : سمعت عمّي يقول : سمعت أبا يزيد البسطامي يقول : إنّ لله شرابا يقال له شراب المحبّة ادّخره لأفاضل عباده ، فإذا شربوا سكروا ، فإذا سكروا
__________________
(١) سورة هود : ٦.
(٢) في النسخة الثانية زيادة : قال أبو القاسم هو سمعت أبي يقول : سمعت علي بن محمد الورّاق يقول : سمعت عمّي يقول.