(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو أن يسمّيها هديا ويوجبها ، فإذا فعل ذلك لم يكن له من منافعها شيء ، هذا قول مجاهد وعطاء والضحاك وقتادة ، ورواية مقسم عن ابن عباس ، وقيل : معناه : (لَكُمْ) في هذه الهدايا (مَنافِعُ) بعد إنجابها وتسميتها هديا بأن تركبوها إذا احتجتم إليها وتشربوا ألبانها إن اضطررتم إليها ، (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يعني إلى أن تنحر ، وهذا قول عطاء بن أبي رباح.
وقال بعضهم : أراد بالشعائر المناسك ومشاهد مكة ، ومعنى الآية : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) بالتجارة والأسواق (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو الخروج من مكة ، وهذه رواية أبي ذر عن ابن عباس.
وقال بعضهم : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) بالأجر والثواب في قضاء المناسك وإقامة شعائر الحج (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو انقضاء أيام الحج.
(ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي منحرها عند البيت العتيق يعني أرض الحرم كلّها ، نظيرها قوله سبحانه (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) أي الحرم كلّه ، وقال الذين قالوا : عنى بالشعائر المناسك ، معنى الآية : ثم محلّ الناس من إحرامهم (إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أن يطوفوا به طواف الزيارة يوم النحر بعد قضاء المناسك.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) جماعة مؤمنة سلفت قبلكم (جَعَلْنا مَنْسَكاً) اختلف القرّاء فيه فقرأ أهل الكوفة إلّا عاصما بكسر السين في الحرفين على معنى الاسم مثل المجلس والمطلع أي مذبحا موضع قربان ، وقرأ الآخرون بفتح السين فيهما على المصدر مثل المدخل والمخرج أي إهراق الدماء وذبح القرابين.
(لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) عند ذبحها ونحرها ، وإنّما خصّ بهيمة الأنعام لأنّ من البهائم ما ليس من الأنعام كالخيل والبغال والحمير ، وإنما قيل بهائم لأنها لا تتكلم.
(فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) قال ابن عباس وقتادة : المتواضعين ، مجاهد : المطمئنّين إلى الله سبحانه ، الأخفش : الخاشعين ، ابن جرير : الخاضعين ، عمرو بن أوس : هم الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا.
(الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَالْبُدْنَ) أي الإبل العظام الضخام الأجسام ، وتخفّف وتثقّل واحدتها بدنة مثل تمرة وتمر وخشبة وخشب وبادن مثل فاره وفره ، والبدن هو الضخم من كلّ شيء ومنه قيل لامرئ القيس بن النعمان صاحب الخورنق والسدير : البدن لضخمه ، وقد بدن الرجل بدنا وبدانة إذا ضخم ، فأما إذا أشفى واسترخى قيل : بدّن تبدينا.
وقال عطاء والسدّي : البدن : الإبل والبقر.