(وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (٨٨) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣))
قوله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) جماعة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس أوّلهم على آخرهم ليجتمعوا ثمّ يساقون إلى النار ، وقال ابن عباس : (يُوزَعُونَ) : يدفعون (حَتَّى إِذا جاؤُ) يوم القيامة (قالَ) الله سبحانه لهم (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) ولم تعرفوا حقّ معرفتها (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فيها من تكذيب أو تصديق ، وقيل : هو توبيخ ، أي ماذا كنتم تعملون حين لم تبحثوا عنها ، ولم تتفكّروا فيها؟
(وَوَقَعَ الْقَوْلُ) ووجب العذاب (عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا) أشركوا (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) لأنّ أفواههم مختومة. وقال أكثر المفسّرين : (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) بحجّة وعذر ، نظيره قوله سبحانه : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (١) (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا) خلقنا (اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) مضيئا يبصر فيه (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي ذكرت (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يصدّقون فيعتبرون قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) وهي النفخة الأولى.
أخبرنا محمّد عبد الله بن حامد الوزّان قال : أخبرنا محمّد بن جعفر بن يزيد الصيرفي قال : حدّثنا علي بن حرب قال : حدّثنا أسباط قال : حدّثنا سلمان التميمي (٢) ، عن أسلم العجلي ، عن بشر بن شغاف ، عن عبد الله بن عمرو قال : جاء إعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عن الصّور ، فقال : «قرن ينفخ فيه» (٣) [١٢١].
وقال مجاهد : الصّور كهيئة البوق ، وقيل : هو بلغة أهل اليمن ، وعلى هذا أكثر
__________________
(١) سورة المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) في النسخة الثانية : التيمي.
(٣) مسند أحمد : ٢ / ١٦٢.