سبيله ، فقال : إنّما أخذه ليحمل الحطب إلى مطبخ أبيك ، فنازع أحدهما صاحبه ، فقال الفرعوني لموسى : لقد هممت إلى أن أحمله عليك.
وكان موسى قد أوتي بسطة في الخلق وشدة في القوة والبطش ، (فَوَكَزَهُ مُوسى) بجمع كفّه ولم يتعمد قتله ، قال الفرّاء وأبو عبيدة : الوكز : الدفع بأطراف الأصابع ، وفي مصحف عبد الله (فنكزه) بالنون ، والوكز واللكز والنكز واحد ، ومعناها : الدفع ، (فَقَضى عَلَيْهِ) أي قتله وفرغ من أمره ، وكلّ شيء فرغت منه فقد قضيته ، وقضيت عليه ، قال الشاعر :
أيقايسون (١) وقد رأوا حفاثهم |
|
قد عضّه فقضى عليه الأشجع (٢) |
أي قتله.
فلمّا قتله موسى ندم على قتله ، وقال : لم أومر بذلك ثم دفنه] في الرمل] (قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ. قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ) بالمغفرة فلم تعاقبني (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً) عونا ونصيرا (لِلْمُجْرِمِينَ) قال ابن عباس : لم يستثن فابتلى ، قال قتادة : يعني فلن أعين بعدها على خطيئة ، أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا محمد بن خالد ، قال : حدّثنا داود بن سليمان ، قال : أخبرنا عبد بن حميد ، قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى ، عن سلمة بن نبيط قال : بعث بعض الأمراء وهو عبد الرحمن بن مسلم إلى الضحاك بعطاء أهل بخارى ، وقال : أعطهم ، فقال : اعفني ، فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه ، فقال له بعض أصحابه : وأنت لا [ترزأ] شيئا ، فقال : لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من أمرهم.
وبه عن عبد (٣) الله قال : حدّثنا يعلى ، قال حدّثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي قال : قلت لعطاء بن أبي رياح : إنّ لي أخا يأخذ بقلمه ، وإنّما يكتب ما يدخل وما يخرج ، قال : أخذ بقلمه كان ذلك غنى وإن تركه احتاج ، وصار عليه دين وله عيال ، فقال : من الرأس؟ قلت : خالد بن عبد الله ، قال : اما تقرأ ما قال العبد الصالح : (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) ، فلا يعينهم فإن الله تعالى سيغنيه.
(فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً) من قتله القبطي أن يؤخذ فيقتل به ، (يَتَرَقَّبُ) ينتظر الأخبار ، (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) يستغيثه ، وأصل ذلك من الصراخ ، كما يقال : قال بني فلان : يا صاحبا.
__________________
(١) في نسخة أصفهان : أيناشون.
(٢) لسان العرب : ٢ / ١٣٨.
(٣) في نسخة أصفهان : عبد الحميد.