وأيوب بن المتوكل : بفتح الياء وضم الدال ، جعلوا الفعل للرعاء أي حتى يرجعوا عن الماء ، وقرأ الآخرون بضم الياء وكسر الدال أي حتى يصرفوا مواشيهم عن الماء ، والرعاء : جمع راع مثل تاجر وتجار ، ومعنى الآية لا نسقي مواشينا (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) لأنّا لا نطيق أن نسقي ، ولا نستطيع أن نزاحم الرجال فإذا صدروا سقينا مواشينا ما أفضلت مواشيهم في الحوض.
(وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) لا يقدر أن يسقي مواشيه ، واختلفوا في اسم أبيهما ، فقال مجاهد والضحاك والسدي والحسن : هو شعيب النبي صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء واسمه شعيب بن بويب بن مدين بن إبراهيم ، قال وهب وسعيد بن جبير وأبو عبيدة بن عبد الله : هو بثرون ابن أخي شعيب ، وكان شعيب قد مات قبل ذلك بعد ما كفّ بصره ، فدفن بين المقام وزمزم.
وروى حماد بن سلمة ، عن أبي حمزة الضبعي ، عن ابن عباس قال : اسم أبي امرأة موسى صاحب مدين بثرى ، قالوا : فلمّا سمع موسى عليهالسلام قولهما رحمهما ، واقتلع صخرة على رأس بئر أخرى كانت بقربهما لا يطيق رفعها إلّا جماعة من الناس. شريح : عشرة رجال ، وقيل : إنّه زاحم القوم عن الماء وأخذ دلوهما وسقى غنمهما ، عن ابن إسحاق ، فذلك قوله سبحانه : (فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) قال السدي : ظلّ شجرة ، وروى عمر بن ميمون ، عن عبد الله قال : أحييت على جمل لي ليلتين حتى صبّحت مدين ، فسألت عن الشجرة التي آوى إليها موسى فإذا شجرة خضراء ترق فما هوى إليها جملي ، وكان جائعا ، فأخذها فعالجها (١) ساعة فلم (٢) يقطعها ، فدعوت الله سبحانه لموسى ثم انصرفت.
(فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَ) قال قطرب : اللام هاهنا بمعنى إلى تقول العرب : احتجت له ، واحتجت إليه بمعنى واحد ، (مِنْ خَيْرٍ) أي طعام (فَقِيرٌ) محتاج ، قال ابن عباس : لقد قال ذلك وإنّ خضرة البقل تتراءى في بطنه من الهزال ما يسأل الله سبحانه إلّا أكله.
قال الباقر : لقد قالها وإنّه لمحتاج إلى شق تمرة.
قالوا : فلمّا رجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس وأغنامهما حفّل بطان ، قال لهما : ما أعجلكما؟ قالتا : وجدنا رجلا صالحا رحمنا ، فسقى لنا أغنامنا [قبل الناس] ، فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه لي.
(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) قال عمر بن الخطاب رضياللهعنه : مستترة بكم درعها لوف (٣) قد سترت وجهها بيدها ، روى قتادة ، عن مطرف ، قال : أما والله لو كان عند نبي الله شيء ما اتبع مذقتها ، ولكنّه حمله على ذلك الجهد.
__________________
(١) في نسخة أصفهان : يعالجها.
(٢) في نسخة أصفهان : ثم لقطها.
(٣) كذا في الأصل.