رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥))
(أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) يعني الجنة (فَهُوَ لاقِيهِ) مدركه ومصيبه (كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) في النار ، نظيره قوله سبحانه : (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) (١)
قال مجاهد : نزلت في النبي عليهالسلام وفي أبي جهل بن هشام.
محمد بن كعب : في حمزة وعلي وفي أبي جهل.
السدي : عمار والوليد بن المغيرة.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) في الدنيا أنّهم شركائي (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) وجب عليهم العذاب وهم الرؤوس عن الكلبي ، غيره : الشياطين (رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) منهم (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ وَقِيلَ) لبني آدم الكفار (ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) جواب (لو) مضمر ، أي لو كانوا يهتدون لما رأوا العذاب ، وقيل معناه : ودّوا إذا رأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ فَعَمِيَتْ) فخفيت واشتبهت (عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) يعني الأخبار والأعذار والحجج (يَوْمَئِذٍ) لأنّ الله سبحانه قد أعذر إليهم في الدنيا ، فلا يكون لهم حجة ولا عذر يوم القيامة (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) لا يجيبون ، قتادة : لا يحتجّون ، وقيل : يسكتون ، لا يسئل بعضهم بعضا ، مجاهد : (لا يَتَساءَلُونَ) بالأنساب كما كانوا يفعلون في الدنيا ، نظيره قوله سبحانه : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (٢).
(فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) وهذا جواب لقول الوليد بن المغيرة : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (٣) أخبر الله سبحانه أنّه لا يبعث (٤) الرسل باختيارهم.
وهذا من الجواب المفصول ، وللقراء في هذه الآية طريقان :
أحدهما : أن يمرّ على قوله : (وَيَخْتارُ ، ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ويجعل (ما) إثباتا بمعنى الذي ، أي ويختار لهم ما هو الأصلح والخير.
__________________
(١) سورة الصافات : ٥٧.
(٢) سورة الصافات : ٥٧.
(٣) سورة الزخرف : ٣١.
(٤) في نسخة أصفهان : لا يرسل.