ثمّ نودي داود بعده فقبلها ولم يشرط ما شرط لقمان فهوى في الخطيئة غير مرّة كلّ ذلك يعفو الله عزوجل عنه ، وكان لقمان يؤازره بحكمته ، فقال له داود : طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى. وأعطي داود الخلافة وأبتلي بالبليّة والفتنة.
وحدّثنا الإمام أبو منصور بن الجمشاذي لفظا قال : حدّثني أبو عبد الله بن يوسف عن الحسن بن محمد ، عن عبد الله بن هاشم ، عن وكيع ، عن محمّد بن حسّان ، عن خالد الربعي قال : كان لقمان عبدا حبشيّا نجّارا. وأخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه قال : حدّثني أبو بكر بن مالك القطيعي ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبي عن أسود بن عامر ، عن حمّاد ، عن علي بن يزيد ، عن سعيد بن المسيب أنّ لقمان كان خيّاطا.
(أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) يعني وقلنا له : أن اشكر لله.
(وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
قال مجاهد : كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين ، متشقّق القدمين. وروى الأوزاعي عن عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنّك أسود ، فإنّه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان : بلال ومهجع مولى عمر بن الخطّاب ولقمان الحكيم كان أسود نوبيّا من سودان مصر ذا مشافر.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) واسمه أنعم (وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) قال ابن عبّاس : شدّة بعد شدّة. الضحاك : ضعف على ضعف. قتادة : جهدا على جهد. مجاهد وابن كيسان : مشقّة على مشقّة.
(وَفِصالُهُ) فطامه. وروي عن يعقوب : وفصله (فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) أنبأني عبد الله بن حامد الأصفهاني ، عن الحسين بن محمد بن الحسين البلخي قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن القاسم البلخي ، عن نصير بن يحيى ، عن سفيان بن عيينة في قول الله عزوجل : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) قال : من صلّى الصلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات فقد شكر للوالدين.
(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) عشرة جميلة ، وتقديره : بالمعروف.
(وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) واسلك طريق محمّد وأصحابه.
(ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) نزلت هاتان الآيتان في سعد بن أبي وقّاص وأمّه ، وقد مضت القصّة.