(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) قال بعض النحاة : هذه الكناية راجعة إلى الخطيئة والمعصية ، يعني : إنّ المعصية إن تك. يدلّ عليه قول مقاتل : قال أنعم بن لقمان لأبيه : يا أبة إن عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله؟ فقال له : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ). وقال آخرون : هذه الهاء عماد ، وإنّما أنّث لأنّه ذهب بها إلى الحبّة ، كقول الشاعر :
ويشرق بالقول الذي قد أذعته |
|
كما شرقت صدر القناة من الدم (١) |
ويرفع المثقال وينصب ، فالنّصب على خبر كان والرّفع على اسمها ومجازه : إن تقع وحينئذ لا خبر له : (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) قال قتادة : في جبل ، وقال ابن عبّاس : هي صخرة تحت الأرضين السبع وهي التي يكتب فيها أعمال الفجّار ، وخضرة السماء منها ، وقال السدي : خلق الله الأرض على حوت وهو النون الذي ذكره الله عزوجل في القرآن (ن. وَالْقَلَمِ) (٢) والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك والملك ، على صخرة ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض ، والصخرة على الرّيح.
(أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) باستخراجها (خَبِيرٌ) عالم بمكانها. ورأيت في بعض الكتب أنّ لقمان عليهالسلام قال لابنه : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) ... إلى آخر الآية. فانفطر من هيبة هذه الكلمة فمات فكانت آخر حكمته.
قوله : (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي الأمور الواجبة التي أمر الله بها ، وقال ابن عبّاس : حزم الأمور. مقاتل : حقّ الأمور.
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) قرأ النخعي ونافع وأبو عمرو وابن محيص ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي تصاعر بالألف.
أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه قال : أخبرني أبو حبش قال أبو القاسم بن الفضل قال أبو زرعة : حدّثني نضر بن علي قال : أخبرني أبي عن معلى الورّاق عن عاصم الجحدري وَلا تُصْعِرْ خَدَّكَ بضم التاء وجزم الصاد من أصعر. الباقون (تُصَعِّرْ) من التّصعير. قال ابن عبّاس : يقول لا تتكبّر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلّموك. مجاهد : هو الرجل يكون بينه وبينك إحنة فتلقاه فيعرض عنك بوجهه. عكرمة : هو الذي إذا سلّم عليه لوى عنقه تكبّرا. الربيع وقتادة : لا تحقّر الفقراء ، ليكن الفقير والغني عندك سواء.
عطاء : هو الذي يلوي شدقه. أخبرنا عبد الله بن حامد ، عن حامد بن محمد ، عن محمد
__________________
(١) الصحاح : ٢ / ٧٠٩.
(٢) سورة القلم : ١. ٢.