أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا علي بن أحمد بن نصرويه قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن وهب قال : حدّثني أبو زرعة قال : حدّثنا إبراهيم بن موسى الفرّاء قال : أخبرنا مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «التمسوا الرزق بالنكاح» (١) [٥٣].
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن بشر قال : حدّثنا أبو يوسف محمد ابن سفيان بن موسى الصفّار (٢) بالمصّيصة قال : حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن ناصح قال : حدّثنا عبد العزيز الدراوردي عن ابن عجلان أنّ رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فشكا إليه الحاجة فقال : «عليك بالباءة» (٣) ، وشكا رجل الى أبي بكر رضياللهعنه بعد النبي صلىاللهعليهوسلم فشكا إليه الحاجة فقال : عليك بالباءة [٥٤] ، وجاء رجل الى عمر رضياللهعنه بعد أبي بكر (٤) فشكا إليه الحاجة فقال : عليك بالباءة ، كلّ يريد قوله سبحانه (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). قال ابن عجلان : وقال أبو بكر وعمر رضياللهعنهما : ابتغوا الغنى في النكاح.
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) عن الحرام (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ويوسّع عليهم من رزقه.
(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) أي المكاتبة وهي أن يقول الرجل لعبده أو أمته : قد كاتبتك على أن تعطيني كذا وكذا في نجوم معلومة على أنّك إذا أدّيت ذلك فأنت حرّ ، فيرضى العبد بذلك فإن أدّى مال الكتابة بالنجوم التي سمّاها كان حرّا ، وإن عجز عن أداء ذلك كان لمولاه أن يردّه الى الرّقّ كما قال صلىاللهعليهوسلم : «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» (٥) [٥٥]. وأصل الكلمة من الكتب وهو الضمّ والجمع ، ومنه الكتيبة وكتب البغل وكتب الكتاب ، فسمّي المكاتب مكاتبا لأنه يضم نجوم مال الكتابة بعضها إلى بعض.
(مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ) اختلف الفقهاء في حكم هذه الآية فقال قوم : هو أمر حتم وإيجاب فرض على الرجل أن يكاتب عبده الذي قد علم منه خيرا إذا سأله ذلك بقيمته وأكثر ولو كان بدون قيمته لم يلزمه ، وهو قول عمرو بن دينار وعطاء ، وإليه ذهب داود بن علي ومحمد ابن جرير من الفقهاء وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، واحتجّ من نصر هذا المذهب بما روى قتادة أن سيرين سأل أنس بن مالك أن يكاتبه فتلكأ عليه ، فشكاه الى عمر فعلاه بالدّرة وأمره بالكتابة ، واحتجّوا أيضا بأن هذه الآية نزلت في غلام لحويطب بن عبد العزّى يقال له صبح سأل
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٥ / ٤٥.
(٢) في النسخة الثانية : أبو يوسف بن سفيان بن موسى.
(٣) فيض القدير شرح الجامع الصغير ـ المناوي. : ٣ / ٣١٨.
(٤) في النسخة الثانية : وجاء رجل الى عثمان بعد عمر.
(٥) المصنّف ـ الكوفي ـ : ٥ / ٦٦.