(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ) أي له ، وقيل : عنده ، كقوله : (لَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) (١) أي عندي (شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) قال ابن مسعود : يعني القرع. ابن عباس والحسن ومقاتل هو كل نبت يمتد وينبسط على وجه الأرض ، ولا يبقى على الشتاء وليس له ساق نحو القثاء والبطيخ والقرع والحنظل. سعيد ابن جبير : هو كل شيء ينبت ثمّ يموت من عامه ، وقيل : هو يفعيل من (قطن بالمكان) إذا أقام به إقامة زائل لا إقامة ثابت ، وقال مقاتل بن حيان : وكان يستظل بالشجرة ، وكانت وعلة تختلف إليه فيشرب من لبنها ، (وَأَرْسَلْناهُ) يجوز أن يكون من حبسه في بطن الحوت ، تقدير الآية وقد أرسلناه ، ويجوز أن يكون بعده ، ويجوز أن يكون إلى قوم آخرين. (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) قال ابن عباس : معناه ويزيدون ، قال الشاعر :
فلما اشتد أمر الحرب فينا |
|
تأملنا رياحا أو رزاما (٢) |
أي ورزاما ، وقال مقاتل : بل يزيدون.
واختلفوا في مبلغ الزيادة على مائة ألف ؛ فقال ابن عباس ومقاتل : عشرون ألف. الحسن والربيع : بضع وثلاثون ألفا ، ابن حيان : سبعون ألفا ، (فَآمَنُوا) عند معاينة العذاب ، (فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) انقضاء آجالهم.
(فَاسْتَفْتِهِمْ) : فسل يا محمد أهل مكة (أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) ؛ وذلك أن جهينة وبني سلمة بن عبد الدار زعموا أنّ الملائكة بنات الله ، (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) : حاضرون خلقنا إياهم ، نظيره قوله : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) (٣).
(أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * أَصْطَفَى). قرأ العامة بقطع الألف ؛ لأنه ألف استفهام دخلت على ألف الوصل فحذفت ألف الوصل وبقيت ألف الاستفهام مفتوحة على حالها مثل (أَسْتَكْبَرْتَ) (٤) و (أَسْتَغْفَرْتَ) (٥) و (أَذْهَبْتُمْ) (٦) ونحوها.
وقرأ أبو جعفر ونافع في بعض الروايات (الكاذبون اصطفى) موصولة على الخبر والحكاية عن قول المشركين ، مجازه : (لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللهُ) ويقولون (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) ثم رجع إلى الخطاب : (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) : برهان بيّن على أنّ الله ولدا (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) : فجعلوا
__________________
(١) سورة الشعراء : ١٤.
(٢) تفسير القرطبي : ١٤ / ٢٩٩.
(٣) سورة الزخرف : ١٩.
(٤) سورة ص : ٧٥.
(٥) سورة المنافقون : ٦.
(٦) سورة الأحقاف : ٢٠.