(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) فنميتك قبل أن نعذبهم. (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ) فنعذبهم في حياتك.
(فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) قال أكثر المفسرين : أراد به المشركين من أهل مكّة فانتقم منهم يوم بدر ، وقال الحسن وقتادة : عني به أهل الإسلام من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم وقد كان بعد نبي الرحمة نقمة شديدة فأكرم الله نبيه وذهب به ، ولم يره في أمته إلّا الّذي تقر عينه ، وأبقى النقمة بعده ، وليس من نبي إلّا أرى في أمته العقوبة ، وذكر لنا إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أري ما يصيب أمته بعده فما رئي ضاحكا منبسطا حتّى قبضه الله تعالى.
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ) يعني القرآن. (لَذِكْرٌ لَكَ) لشرف لك (وَلِقَوْمِكَ) من قريش ، نظيره قوله : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (١) أي شرفكم. (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عن حقّه وأداء شكره.
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري ، حدثنا أبو علي بن حبش المقري ، حدثنا أبو بكر ابن محمد بن أحمد بن إبراهيم الجوهري ، حدثنا عمي ، حدثنا سيف بن عمر الكوفي ، عن وائل أبي بكر ، عن الزهيري ، عن عبد الله وعطية بن الحسن ، عن أبي أيوب ، عن علي ، عن الضحاك ، عن ابن عباس. قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعرض نفسه على القبائل بمكّة ، ويعدهم الظهور ، فإذا قالوا لمن الملك بعدك ، أمسك ، فلم يخبرهم بشيء ، لأنّه لم يؤمر في ذلك بشيء حتّى نزل (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ). فكان بعد ذلك إذا سئل ، فقال : لقريش ، فلا يجيبونه ، وقبلته الأنصار على ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري ، حدثنا نصر بن منصور بن جعفر النهاوندي ، حدثنا أحمد بن يحيى بن الجاورد ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا الوليد ، عن العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من النّاس اثنان» [١٩٤] (٢).
أخبرنا عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد الناهد ، أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا الحسن بن ناصح ومحمد بن يحيى ، قالا : حدثنا نعيم بن عماد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن محمد بن حسن بن مطعم ، عن معاوية ، قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يزال هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلّا كبّ على وجهه ما أقاموا الدّين (٣)» [١٩٥].
__________________
(١) سورة الأنبياء : ١٠.
(٢) البداية والنهاية : ٦ / ٢٧٩.
(٣) المعجم الكبير : ١٩ / ٣٣٨.