يطاق (١) ، فالمكلّف به إنّما هو الخصوصيّة ، وهي الإخلاص دون أصل النيّة ، لعدم القدرة على تركها.
واختلفوا في كيفيّتها في كلّ واحد واحد من العبادات على أقوال شتّى ، أقربها الاكتفاء في الكلّ بقصد الفعل المعيّن لله ، فإن كان متعيّنا في الواقع فذاك ، وإن لم يكن معلوما له وكان له طريق إلى العلم (٢) ، وإلّا فلا بدّ من التعيين حتّى يتميّز ، فإن لم يكن عليه فائتة فليس عليه تعيين الأداء أو القضاء مثلا فيما ينقسم إليهما لتعيّنه ، بخلاف ما لو كان عليه الفائت ، فإنّ عليه التعيين حينئذ.
وكذا القول في الوجوب والندب وسائر القيود في سائر العبادات ، فخذ هذا ودع الفضول واسكت عمّا سكت الله عنه.
ومعنى قولنا : «لله» إمّا لكونه أهلا لذلك ، أو للحياء منه والمهابة ، أو للشكر له والتعظيم ، أو لامتثال أمره وموافقة إرادته ، أو للقرب منه والهرب من البعد عنه ، أو لنيل الثواب عنده ، أو الخلاص من عقابه ، على خلاف في صحّة الأخيرين من غير المتدبّر.
ويبطله النصوص ، وأنّ بعض الناس ليس درجتهم أعلى منه ، وليس في
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ١٨٥.
(٢) إذا لم يعلم وجوب غسل الجمعة ـ مثلا ـ أو استحبابه ، ولم يتيسّر له العلم به ، لتعارض الأدلّة أو المفتين ، فإنّه سقط عنه تعيين أحدهما ، لاستحالة تكليف ما لا يطاق. وكذا إذا أمكنه الاستعلام ، للأصل وعدم دليل شرعي ولا عقلي على تكليفه بذلك إذا كان عالما بأنّه عبادة صالحة ، لأن يتقرّب بها إلى الله ، ونوى به ذلك ، فإنّه كما لم يكلّف حينئذ باستعلام مقدار ثوابه حتّى يكون فعله صحيحا ، كذلك لا يكلّف بأن يعلم هل يعقب على تركه أم لا؟
وأمّا إذا كان عالما بأحدهما فلا فائدة في استشعاره حينئذ إذا كان مميّزا عن غيره ، مع أنّه لا دليل عليه. «منه رحمهالله».