قوله : (يشترط فيه النيّة). إلى آخره.
الفعل الاختياري لا يمكن صدوره بغير قصد ذلك الفعل والغاية منه ، فلو كلّفنا الله بفعله من دون القصدين كان تكليفا بالمحال ، فالعبادات وغيرها في هذا الحكم على السواء.
والمراد من النيّة المذكورة في عبارات الأصحاب ليس هذا المعنى ، لما عرفت من أنّه محال الانفكاك.
فلا معنى للاشتراط والقول بأنّها شرط في العبادات دون غيرها ، ويعبرون عن الغير بالمعاملات ، وإن كانت شرائط العبادات مثل الطهارة عن الخبث ، وستر العورة للصلاة ، وأمثال ذلك ممّا هو صحيح من غير اشتراط النيّة ، بل صحيح وإن وقع بقصد غير المشروع.
وهذه النيّة من المعاني المنقولة ، وهي قصد الفعل إطاعة لله تعالى وإخلاصا ، أو هذا مع قصد الوجه أيضا ، أو غير ذلك على التفصيل الآتي.
والنيّة بهذا المعنى يجوز انفكاكها فيصحّ اشتراطها ، بل يصعب صدورها ، ولا يتأتّى عن النفوس الأمّارة بالسوء إلّا بمجاهدات ، ولذا ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «تخليص العمل من الفساد أشدّ من طول الجهاد» (١).
وورد عنهم عليهمالسلام : «الرياء شرك خفي» (٢) ، و «أخفى من دبيب النملة في الليلة السوداء على الصخرة الصماء» (٣). إلى غير ذلك من الأخبار والآثار الواردة في ذلك وأنّها لا تتأتّى إلّا من الخواصّ ، لا من جميع أفراد الناس.
__________________
(١) بحار الأنوار : ٧٤ / ٢٨٨ مع اختلاف يسير.
(٢) بحار الأنوار : ٦٩ / ٢٨١ الحديث ٣ مع اختلاف يسير.
(٣) عوالي اللآلي : ٢ / ٧٤ الحديث ١٩٨ ، بحار الأنوار : ٦٩ / ٢٩٨ الحديث ٣١ مع اختلاف يسير.