وممّا ذكر ظهر فساد ما في «المدارك» من سهولة الخطب في النيّة ، وأنّ المعتبر فيها تخيّل المنوي بأدنى توجّه ، وهذا القدر لا ينفكّ عنه أحد من العقلاء ، كما يشهد به الوجدان ، ومن هنا قال بعض الفضلاء : لو كلّف الله الصلاة أو غيرها من العبادات بغير نيّة كان تكليفا بما لا يطاق ، وهو كلام متين لمن تدبّره (١) ، انتهى.
وظهر أيضا فساد ما قيل من أنّ اشتراط النيّة بالمعنى المعروف بين الفقهاء من بدع فقهائنا المتأخّرين تبعا للعامّة ، وإلّا فالرواة والقدماء ما كانوا يتعرّضون للنيّة أصلا ورأسا (٢).
ووجه ظهور الفساد ما عرفت من أنّ الإخلاص في العبادة شرط ، وأنّ الرياء شرك حرام بالبديهة من الدين ، وستعرف أيضا.
والقدماء من الرواة والفقهاء صرّحوا بوجوب النيّة المذكورة ، وذكروا أخبارا كثيرة بل متواترة ، فإنّ قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات» (٣) من المتواترات عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مضافا إلى أخبار اخر كثيرة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن الأئمّة عليهمالسلام ، مثل : «لا عمل إلّا بنيّة» (٤) ، وغير ذلك (٥).
ومنها : حرمة الرياء ، وقصد غير الله ولو بالشركة (٦).
ومنها : كونه خالصا لله (٧) ، هذا كلّه بعد الآية الشريفة (٨).
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ١٨٥.
(٢) الحدائق الناضرة : ٢ / ١٧٠ ، لاحظ! مستند الشيعة : ٢ / ٨٠.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٨٣ الحديث ٢١٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨ الحديث ٨٩.
(٤) الكافي : ٢ / ٨٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٦ الحديث ٨٣.
(٥) راجع! وسائل الشيعة : ١ / ٦٤ الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٧٠ الباب ١٢ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٧) راجع! وسائل الشيعة : ١ / ٥٩ الباب ٨ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٨) الأعراف (٧) : ٢٩.