وأمّا على القول الآخر فتثبت شرطيّة النيّة من قوله تعالى (وَما أُمِرُوا) (١) الآية ، فإنّ المراد من الدين هو العبادة ، والإخلاص واضح معناه ، وأنّه لا يتحقّق بغير قصد كونه لله تعالى من دون شائبة غيره.
وقوله تعالى (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٢) يدلّ على استمراره إلى يوم القيامة ، ومثلها قوله تعالى (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٣) ، وقوله تعالى (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) (٤).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات» (٥) ، وقوله عليهالسلام : «لا عمل إلّا بنيّة» (٦) ، و «إنّما لكلّ امرئ ما نوى» (٧) ، إذ أقرب المجازات متعيّن عند تعذّر الحمل على الحقيقة ، وأقرب المجازات نفي الصحّة بالبديهة.
واتّفق الفقهاء على وجوب النيّة ، سوى ما نقل عن ابن الجنيد من القول بالاستحباب في الطهارات الثلاث (٨).
مع أنّ في «المعتبر» قال : الوجوب مذهب الثلاثة وأتباعهم وابن الجنيد (٩).
وادّعى جماعة من الأصحاب الإجماع على الوجوب ، مثل الشيخ في «الخلاف» ، والعلّامة في «التذكرة» ، وابن زهرة في «الغنية» (١٠).
__________________
(١) البيّنة (٩٨) : ٥.
(٢) البيّنة (٩٨) : ٥.
(٣) المؤمن (٤٠) : ١٤.
(٤) الزمر (٣٩) : ١٤.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٨٣ الحديث ٢١٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨ الحديث ٨٩.
(٦) الكافي : ٢ / ٨٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٦ الحديث ٨٣.
(٧) أمالي الطوسي : ٦١٨ الحديث ١٢٧٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨ الحديث ٩٢.
(٨) نقل عنه الشهيد في ذكرى الشيعة : ٢ / ١٠٥.
(٩) المعتبر : ١ / ١٣٨.
(١٠) الخلاف : ١ / ٧٢ المسألة ١٨ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ١٣٩ المسألة ٣٨ ، غنية النزوع : ٥٢.