ولعل الذي حدث إنها كانت توضع في مكان آخر ، فربما كان الامام الحسين قدر ـ وهو يعلم نتيجة المعركة ـ أن الرؤوس ستقطع ، وأن هذا سيؤدي إلى صعوبات في تمييز هوية الشهداء من أصحابه وأهل بيته ، فجعل مكانين أحدها لحفظ جثث الشهداء الهاشميين ، والآخر لحفظ جثث الشهداء غير الهاشميين.
ولعل ثمة أمرا آخر يشجع على ترجيح هذا الرأي ، وهو أن الشهداء الهاشميين كانوا مع أسرهم أو بعض أسرهم ، بحيث لا نعرف شهيدا منهم لم يكن له بين النساء الهاشميات أم أو أخت أو زوجة أو بنت ، أوهن مجتمعات ، وهذا يؤدي إلى مراعاة الاعتبارات العاطفية والاسرية في هذه الحالة ، وهي تقضي بأن يحمل الشهيد ، ليتمكن النسوة ، في غمرة المعركة ، من مشاهدة جسده ، والبكاء عليه ، وهذا الاعتبار يدعو إلى إفراد الشهداء الهاشميين في مكان خاص. أما الشهداء غير الهاشميين فإن العدد الاكبر منهم لم يصحبوا معهم نساءهم.
والنصوص التي أشرنا إليها آنفا هي ما ذكره الطبري عند ذكره استشهاد علي بن الحسين الاكبر ، وهو :
(.. وأقبل الحسين إلى أبنه ، وأقبل فتيانه إليه ، فقال : احملوا أخاكم ، فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه (الطبري : ٥ / ٤٤٧).
وما ذكره في الحديث عن استشهاد القاسم بن الامام الحسن بن علي ، وهو.
(.. ثم احتمله (الحسين) فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان