إن هذا الاعتراض ـ وقد أسهبنا في بيان جوانبه ـ يدعونا إلى الشك في صدور هذه الزيارة عن الامام الحسن العسكري إلى أن يثبت لنا أن مصطلح (الناحية) قد استعمل للاشارة إليه كما استعمل للاشارة إلى الامام الثاني عشر.
وعلى هذا فلا نستطيع نسبة الزيارة إلى الامام المهدي ، كما لا نستطيع ترجيح صدورها عن الامام الحسن العسكري.
ولا بد لنا في هذه المرحلة من البحث من اعتبارها نصا تاريخيا مجهول المؤلف (المؤلف إما أن يكون واحدا من ثلاثة أشخاص هم الذين ورد ذكرهم في سند الزيارة قبل الشيخ الطوسي : (أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن عياش الجوهري ، أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي ، الشيخ محمد بن غالب الاصفهاني) هذا إذا كان الاخيران شخصين تاريخيين ، ولم يكونا شخصين مخترعين وهميين. أو يكون المؤلف رجلا مجهولا غير هؤلاء الثلاثة).
ويكون تاريخ الزيارة واقعا بين النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ونهاية هذا القرن ، وتكون نسبة الزيارة حينئذ إلى الامام الثاني
___________________
= فيما يكتب عنهم غالبا سوى الولايات ، وفوض الامر في غالب المكاتبات إلى وزرائهم ، وصارت الحال إذا اقتضت ذكر الخليفة كني عنه ب (المواقف المقدسة) و(المقامات الشريفة) و(السيرة النبوية) و(الدار العزيزة) و(المحل الممجد) ... ولما انتهى الحال بالخلفاء إلى التعظيم بهذه الالقاب والنعوت المستعارة تداعى الامر إلى تعظيم الملوك والوزراء بالتلقيب ب (المجلس العالي) و(الحضرة السامية) ... ثم تزايد الحال في ذلك إلى أن كنوا ب (المقام) و(المقر) و(الجناب) و(المجلس) ونحو ذلك) ،
صبح الاعشى : ٥ / ٤٩١ ـ ٤٩٢.
وهذا الموضوع بحاجة إلى دراسة واسعة تكشف عن تاريخ نشوئه ، وتطوراته ، واستنباط دلالاته الاجتماعية والسياسية في الحقبة التي نشأ ونما فيها.