(ويلكم يا حمقاء ، مهلا ، أتدرون من تقاتلون؟ إنما تقاتلون فرسان المصر ، وأهل البصائر ، وقوما مستميتين ..) (١).
إن (فرسان المصر) في مجتمع محارب ، وهو ما كانه المجتمع العربي الاسلامي في ذلك الحين ، تعبير يعني الشخصيات البارزة في المجتمع ، فقد كان التفوق في الحقال العسكري أحد أفضل السبل لتبوء مركز إجتماعي مرموق يبعث على الاحترام ، بل لقد كانت هذه الصفة خليقة بأن تجعل الناس يغضون النظر عما قد يكون في الرجل من خلال معيبة في نظر المجتمع (٢).
و(أهل البصائر) (٣) تعبير يعنى به الواعون الذين يتخذون مواقفهم
___________________
= وهو أحد ثلاثة رجال استدرجوا هاني بن عروة إلى ابن زياد بعد انكشاف أمر مسلم بن عقيل ، وكانت أخته روعة زوجة لهاني بن عروة. كان في كربلاء على رأس القوة التي منعت الحسين وأصحابه من ماء الفرات وكان على ميمنة الجيش الاموي في كربلاء ، وهو أحد حملة الرؤوس إلى عبيد الله بن زياد ـ وقد كان أحد الذين كتبوا إلى الحسين يدعونه للقدوم إلى الكوفة : (.. فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند).
الطبري : ٥ / ٢٧٠ و ٣٤٩ و ٣٥٣ و ٣٦٤ ـ ٣٦٥ و ٣٦٧ و ٦٢٢ و ٦٥٦.
(١) الطبري : ٥ / ٤٣٥.
(٢) إن التفوق في الحقل العسكري كان خليقا بأن يبعث على تجاوز النظرة المتحيزة ضد صفة العجمة عند الموالي ، وأن يبعث على احترام المولى وتقديره ، لاحظ الكامل : ٣ / ٣١٦ ـ ٣١٧.
(٣) من المؤكد أن هذا التعبير مصطلح ثقافي إسلامي يعني : الفئة الواعية للاسلام على الوجه الصحيح ، والملتزمة به في حياتها بشكل دقيق ، بحيث تتخذ مواقف مبدئية من المشكلات التي تواجهها في الحياة والمجتمع ، ولا تقف على الحياد أمام هذه المشكلات وإنما تعبر عن التزامها النظري بالممارسة اليومية لنضال ضد الانحرافات.
ويبدو لنا من دراسة مستعجلة لهذا المصطلح أنه ولد في الثقافة الاسلامية في وقت مبكر ، وبالتحديد حين بدأت قوى الانحراف تنشر مفاهيمها وأساليبها وتجمع لنفسها الانصار. ولذا نجد أنه كثير الورود في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي أسفرت قوى الانحراف في عهده عن وجهها واضطرته لخوض المعارك الفكرية والعسكرية معها ، وإذا كان قد عجز عن دحرها =