ولا شك في أن السلطة وأعوانها من الزعماء التقليديين كانوا يعرفون خطورة هذه النخبة ، فهي نخبة لا يمكن التعامل معها بالوسائل التقليدية ، ولا يمكن شراء ولائها خلافا لقناعاتها المبدئية ، لانها (من أهل البصائر) وهي بما تملك من رصيد قبلي ـ على قلته ـ قادرة على التأثير في جمهور القبائل ، ولا يقلل من خطورة هذا التأثير أنه محدود ، فجميع بدايات التغيرات الكبرى تكون محدودة ، ولذا فالنخبة الواعية من هذه الجهة تمثل خطرا كبيرا ، ولذا فقد كان هم السلطة الكبير هو القضاء بسرعة قياسية على الثورة وعلى قوتها الصغيرة المكونة من هؤلاء الرجال قبل أن تمتد بها الايام فتحمل كثيرا من (أهل البصائر) واتباعهم على إعلان موقفهم الايجابي من الثورة ، وتمكنهم من اللحاق بها.
وقد كان الزعماء التقليديون يدركون بلا شك أن هذه النخبة من أهل البصائر تكون في حال نجاحها خطرا على مراكزهم ، ولذا فقد ساعدوا السلطة بإخلاص على تنفيذ خطتها في تصفية الثائرين جسديا ، وجعلهم عبرة لغيرهم.
والموضوع بحاجة إلى تتبع في النصوص النبوية وغيرها ليعرف تاريخ تكون هذا المصطلح ودخوله في البنية الثقافية للانسان المسلم
وربما كان هذا المصطلح قد تولد من مصطلح سابق عليه ورد صفة لبعض الصحابة وهو (أهل النية) فقد ورد صفة لابي الدرداء (عويمر بن زيد الخزرجي) : (... وكان أبو الدرداء من علية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل النية منهم) الطبقات / ٧ / قسم ٢ / ص ١١٧ ط ليدن أوفست.
وربما يكون المعني بأهل النية : أهل الاخلاق والصفاء النفسي.