فالشاعر في رثائه للحسين يذكر قيسا (قيس عيلان بن مضر) ويذكر غنيا (من غطفان ، من قيس عيلان) ويحملهما مسئولية مقتل الحسين ، ويهدد بالانتقام.
* * *
لقد كان ثوار كربلاء جمهورا صغيرا ، بجناحيه من عرب الجنوب وعرب الشمال ، ولكنه كان يمثل النخبة ، فيجب أن نلاحظ أن كثيرا من الثائرين لا يمثلون ـ عدديا ـ أشخاصهم ، أو أسرهم ، وإنما يمثلون ، فيما وراء ذلك ، جماعات كبرى من القبائل.
ولان الثوار يمثلون النخبة فقد كانوا قادرين على السيطرة على الموقف لو قدر للثورة أن تنتصر وتمكنوا من الاستيلاء على الحكم ، وكانوا قادرين ـ إذا لم يتح لهم النصر ـ كما حدث في الواقع ـ أن يفجروا طوفانا من الغضب ضد الحكم المنحرف في قلوب جماهير غفيرة الناس ، وأن يضعوهم على طريق الوعي الحقيقي ، وأن يجعلوا منهم جمهورا يغذي الثورات باستمرار ، وهذا ما حدث في الواقع.
نقدر أن رجال النظام الاموي قد اكتشفوا هذه الحقيقة ، وقرروا أن يواجهوها.
وهذا هو ما يفسر لنا الاسلوب الذي اتبعوه في معالجة الثورة وسحقها بشكل وحشي لا تدعو إليه ضرورة عسكرية ، ولا تقضي به ضرورة الامن.
فقد اتبعت طريقة شاذة وغير مألوفة في قتل عدد من شخصيات الثائرين في الكوفة.